"قضيت عدة أيام مقيد اليدين داخل صندوق معدني ضيق، لم أكن أستطيع التحرك بداخله حتى ولو لالتقاط الطعام القليل الذي كان يُلقى بداخله لي.."
هكذا بدأ أحد نشطاء الثورة السورية ويدعي جولان (اسم مستعار لأنه لا يزال فاعلاً في الاحتجاجات ضد بشار) حديثه لصحيفة "إندبندنت أون صنداي" البريطانية من العاصمة دمشق، ليروي قصته والتعذيب الذي لاقاه خلال الفترة التي قضاها في سجون النظام السوري على مدار 21 أسبوعًا.
يقول جولان: "إنه كان يتعرض للاستجواب ثماني ساعات يوميًّا وكان يُسأل عن كل شيء؛ عن التنسيق وعمن يقومون بالثورة، وأنهم أرادوا أن يعرفوا كيف يعملون وكيف ينقلون الجرحى من مكان إلى آخر؟"، وتحدث عن تهديده بتعرية أمه وشقيقه أمامه ما لم يتحدث، بعدما تم بالفعل تعرية فتاتين سوريتين محجبتين تمامًا أمامه.
ويعد جولان واحدًا من آلاف من السجناء الذين تقول منظمة هيومان رايتس ووتش أنه يتم الإلقاء بهم في السجون من قبل نظام الأسد الذي يستخدم كل ما أُوتي من قوة لسحق التهديد الأكبر الذي يواجه حكمه منذ تولي عائلة الأسد الحكم قبل 41 عامًا.
وتوضح الصحيفة أنه برغم استحالة التأكد من مصداقية رواية جولان عن تعرضه للتعذيب على مدار 21 أسبوعًا في السجون السورية، إلا أن هيومان رايتس ووتش أكدت أن الكثير من أساليب التعذيب التي تحدث عنها يستخدمها النظام، كما أن الكثير من الجماعات الحقوقية السورية قامت بتوثيق الوقت الذي قضاه جولان قيد الاعتقال.
وعلى الرغم من أن النظام قد أنكر كل الاتهامات الموجهة له بالتعذيب في السجون، وقول المتحدث باسمه إنهم يحاربون انتفاضة مسلحة برعاية جماعات إسلامية، إلا أن رايتس ووتش قابلت أكثر من 100 شخص معتقل منذ بداية الاحتجاجات في مارس وجمعت المنظمة شهادات مروعة عن تعذيب الأطفال أدت إلى وفاة 13 حالة تقريبًا.
الوضع الميداني
أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية سقوط عشرة قتلى الأحد في مناطق مختلفة من سوريا، بينما شهدت درعا إطلاق نار كثيف وعشوائي من الرشاشات الثقيلة والمدرعات، وتحليقًا مكثفًا للطيران في حماة، في حين دعا ناشطون سوريون على "فيس بوك" أهالي دمشق إلى العصيان المدني.
وقالت الهيئة في بيان لها: "إن قوات الأمن والجيش واصلت القصف المدفعي لبابا عمرو بحمص؛ حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من الحي مع استمرار انقطاع الماء والكهرباء وجميع أنواع الاتصالات".
وأوضحت أنه تم توثيق عشرة ضحايا قتلوا بمناطق مختلفة في سوريا أحدهم بحلب، وهو مجند رفض إطلاق النار على المتظاهرين، وثمانية بإدلب نتيجة إطلاق النار بشكل عشوائي من الحواجز الأمنية على المنازل، وسيدة في حمص.
وقالت: "إن قوات الجيش والأمن والشبيحة اقتحمت مدينة السخنة بحمص وسط إطلاق نار كثيف وعشوائي باتجاه المنازل مما أدى لمقتل سيدة وسقوط العديد من الجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال، بينما شنت قوات الأمن حملة اعتقالات عشوائية طالت العديد من أبناء المدينة".
وقالت لجان التنسيق المحلية في سوريا: "إن قوات الأمن اغتالت القاضي محمد زيادة والمحامي نضال غزال، وكانا بسيارة واحدة وسط مدينة إدلب".
احتجاجات بدمشق
أطلقت قوات الأمن السورية النار السبت على آلاف المشاركين في تشييع جنازة متظاهرين قتلوا الجمعة في دمشق، في حين دعا المعارضون السوريون سكان العاصمة إلى العصيان الأحد فيما أطلقوا عليه يوم "عصيان دمشق".
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان له: "إن قوات الأمن السورية أطلقت الرصاص في حي المزة (وسط غرب العاصمة دمشق)؛ لتفريق آلاف المواطنين الذين شاركوا في تشييع أربعة شهداء سقطوا الجمعة؛ ما أدى إلى استشهاد شخص وإصابة آخرين بجروح".
وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن فى تصريحات صحفية: "إن التشييع تحول إلى تظاهرة في المزة، اعتبرت الأكبر حتى الآن في دمشق واللأقرب جغرافيًّا من المقرات الأمنية وساحة الأمويين في وسط العاصمة".
وأوضح أن "ما بين 15 و20 ألف شخص شاركوا في التشييع"، رغم الثلوج التي كانت تتساقط بغزارة على العاصمة السورية، واضاف المرصد أن حملة دهم واعتقالات جرت السبت في الحي.