احتشد عشرات الآلاف من المحتجين اليونانيين الغاضبين في شوارع آثينا أمس الثلاثاء لتحية المستشارة الالمانية إنجيلا ميركل التي عبرت عن التعاطف معهم في محنتهم لكنها لم تقدم أي وعود بمزيد من المساعدات.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وقنابل صوتية لتفريق حشود المتظاهرين الذين رددوا هتافات مناهضة للتقشف ولوحوا باعلام النازي بينما كان رئيس الوزراء اليوناني انتونيس ساماراس يرحب بضيفته ويصفها بانها "صديقة" لليونان.
وفي أول زيارة لها الي اليونان منذ تفجر ازمة منطقة اليورو قبل ثلاث سنوات أبدت ميركل نبرة تصالحية.
وأكدت مجددا إلتزام برلين بابقاء اليونان المثقلة بالديون داخل منطقة العملة الاوروبية لكنها لم تقدم لساماراس اي مساعدة ملموسة قبل تقرير جديد بشان سير الاصلاحات في اليونان من المنتظر ان يصدر الشهر القادم.
وبعد اجتماعها مع ساماراس قالت ميركل في مؤتمر صحفي على بعد مئات الأمتار فقط من موقع الاشتباكات بين الشرطة والمحتجين في ميدان سينتاجما خارج البرلمان "جئت الي هنا اليوم وانا على علم كامل بأن الفترة التي تعيشها اليونان الان صعبة للغاية على اليونانيين وان أناسا كثيرين يعانون."
واضافت قائلة: "ذلك تحديدا هو السبب في انني أريد ان اقول ان شوطا طويلا من الطريق أصبح وراءنا."
ووعد ساماراس -الذي دعا ميركل الي اليونان عندما زار برلين في اغسطس اب- بمواصلة الاصلاحات الاقتصادية الضرورية لاستعادة الثقة.
وقال "الشعب اليونان ينزف لكنه مصمم على البقاء في اليورو… انه لا يطلب المزيد من الاموال او المزايا. انه يريد فقط الوقوف على قدميه مرة اخرى بأسرع ما يمكن والخروج من هذا الركود."
وعلى الجانب الاخر من مبنى البرلمان تحدى عشرات الالاف من المتظاهرين حظرا وتجمعوا للتعبير عن سخطهم من المستشارة الالمانية التي يحملها الكثيرون مسؤولية ارغام اليونان على اجراء تخفيضات مؤلمة في الانفاق في مقابل حزمتين للانقاذ المالي من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي تبلغ قيمتهما الاجمالية اكثر من 200 مليار يورو (260 مليار دولار).
واشتبكت شرطة مكافحة الشغب مع المحتجين الذين حاولوا تخطي حاجز معدني للوصول الي المنطقة التي ضرب طوق امني حولها حيث كانت ميركل وساماراس مجتمعين. ورشق بعض المتظاهرين الشرطة بالحجارة والزجاجات والعصي.
وقالت الشرطة ان 30 شخصا على الاقل اصيبوا بجروح او عانوا مشاكل في التنفس بسبب الغاز المسيل للدموع وانها القت القبض على حوالي 300 شخص.
ورفع المحتجون لافتات كتب عليها "إرحلي يا ميركل.. اليونان ليست مستعمرة لك." و"هذا ليس إتحادا اوروبيا .. هذه عبودية."
ونشرت الشرطة ستة آلاف شرطي بينهم وحدات لمكافحة الشغب وقناصة لتوفير الأمن اثناء زيارة ميركل التي استمرت ست ساعات. وجرى تشديد الاجراءات الأمنية عند المواقع الألمانية في العاصمة اليونانية بما في ذلك السفارة ومعهد جوته.
وقبل رحيلها اجتمعت ميركل مع رجال اعمال يونانيين لتستمع منهم الي مدى التقدم في الاصلاحات وكيف يتأثرون باقتصاد انكمش بحوالي الخمس في خمسة اعوام وهو ما أفقد 25 %من العمال وظائفهم.
واتخذت ميركل قرار زيارة اليونان لاظهار التأييد لساماراس -وهو محافظ مثلها- بينما يسعى جاهدا لاقناع شركائه اليساريين المتململين في الائتلاف الحاكم بفرض مزيد من اجراءات التقشف في مجتمع يعاني بعد بضع جولات من التخفيضات في الانفاق.
وقبل حوالي عام من انتخابات برلمانية في المانيا تأمل ميركل ايضا في تحييد انتقادات المعارضة في الداخل بأنها أهملت اليونان وساهمت في مشاكلها باصرارها على تخفيضات صارمة في الميزانية.