شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مصر ما بعد الثوره وقضاؤها

مصر ما بعد الثوره وقضاؤها
المتتبع لواقع الحال في مصر ما بعد الثوره يجد الكثير والعجيب من التناقضات والتضاربات واختلاف الوجوه والأقنعه وتقلب الأراء وتعددها...

المتتبع لواقع الحال في مصر ما بعد الثوره يجد الكثير والعجيب من التناقضات والتضاربات واختلاف الوجوه والأقنعه وتقلب الأراء وتعددها وتغيرها بشكل ممنهج مستغرب على من صبر حوالي القرن من أيام الملكيه وانتهاءً بالجمهوريه الديكتاتوريه الأولى.
لا تنحصرالفوضى بالصعيد السياسي فقط ولا الحياة المعيشيه وهموم لقمة العيش اليوميه, بل تتعداها لتغطي كامل أوجه الحياة في بلد ٍ ظننت أن وعيه وإدراك مثقفيه وبطولات شعبه كفيلة ٌ بانتقالة ٍ نوعيه لثورةٍ من واقع ٍ مرير لدولة ٍ تنال وشعبها أخيرا ً ما تستحق, إلا أن واقع الحال والمشهد ككل في مصر لا يمكن وصفه بأقل من فوضى عارمه إبتداء من إعتصامات فوضويه لا تقدم بل تأخر وصولا ًلإعلام ٍ أقل ما يوصف في أغلبه بالمخرب المحرض باسم الوطنيه وحرية الكلمه وهم وللأسف الشديد أبعد ما يكونو عن الرأي والأي الأخر, مصطادين دوما في الماء العكر, لا يتركون فرصة ً للفتنه وبث الإشاعات إلا واغتنموها, متذرعين دوما ً بمصلحة الوطن التي هم أبعد ما يكونوعنها.
أصدقكم القول إن قلت أني لا أعلم حقاً ماذا يريد المصريون من مصر ما بعد الثوره؟, هل هي الحريه والديموقراطيه التي مازالوا يراوحون مكانهم من خطوه للأمام وعشره للخلف, أم حريةٍ لا محدوده للكلمه والإعلام يساء استغلالها كل يوم ألف مره, أما قضاء على الفساد وفضح رموزه ومحاكمتهم, أم استرداد مئات المليارات من أموال البلد المنهوبه والمهربهة للخارج, أم الشعور بنظافة البلد والقضاء على ظاهرة تراكم “الزباله”, أو تحسين وتطوير الخدمات الصحيه لبلد ٍ له السبق في تصدير الأطباء لدول العالم وخصوصاً العربي منها, أم تأمين الدعم المطلوب للغاز والسولار ورغيف العيش وضمان جودته والعمل على وصوله لمستحقيه, في دولة ٍ ربع موازنتها السنويه يذهب للدعم الذي لا يرى منه نتيجة ٌ تذكر!
هل من المنطق أن يصبر المصريون عقوداً طويله من الزمن على فساد ٍ مستشري واستعباد وظلم ويستعجلون الحل في مائة يوم ٍ هي كل ما يملكه الرأيس مرسي في قصر الرئاسه, ومع ذلك حقق لهم فيها من التغييرفي المقاييس الإجتماعيه السياسيه التنمويه والأمنيه ما افتقدوه طويلاً رغم كل المؤامرات ومحاولات تهبيط الهمم والبلطجه والتخريب والدعاياة العكسيه والإعلام المخرب المستفز الذي لا يترك فرصة ً لإثارة الفتنه إلا وأشعلها وشغل الرأي العام بها وزور الحقائق بيد طغمه من متغيري الوجوه لابسي قناع الخبره, وما أكثرهم في القنوات الفضائيه, تراهم كل يوم بمسمى خبراء, لا يرضيهم شئ, ولا يقنعهم أي عمل لمؤسسة الرئاسه, يسبحون عكس التيار, مدعين للعلم والمعرفه ببواطن الأمور وهم وبكل صدق الأجهل فيها.
في أزمة إقالة النائب العام الأخيره إنبروا مدفاعين عن حرية القضاء واستقلاليته منتقدين قرار الرأيس, وهم نفس الأبواق المطالبه سابقاً بإقالة النائب العام ومحاسبته. غزواتهم المستفزه تبحث دوما ً عن فرصه (وليست خطأً ً ) لتنبري لها.
كيف يمكن لدولة ٍ يطل عليها بصيص الأمل في التغيير بأن تتغير وقضاؤها يحتاج لثورة التطهير, فثلاثون سنه من حكم الحزب الوطني المنحل كانت كفيله لإفساد الحال القضائي في مصر عبر تحييد وإبعاد الرموز القضائه المحترمه وتشويه سمعتها وعزلها واستبدالها بمن أفسدوا عدالة مصر.
في كل الثورات في العالم, عمل بالمحاكم الثوريه بصوره مؤقته وسريعه أتت بالأكل الحسن لإستئصال الفساد ومحاكمة رموزه دون كسر ٍ لقواعد حقوق الإنسان, ولكم في محاكمات نورنبيرغ مثالا ً والتي تعد من أشهر المحاكمات التي شهدها التاريخ المعاصر، وتناولت في فترتها الأولى، مجرمي حرب القيادة النازية بعد سقوط الرايخ الثالث، فيها ربما لم يتمتع المتهمين بكامل حقوق التمثيل القانونيه (وهذا ما أنكره) ومع ذلك وحتى لوكانت بالكامل نزيهه فأنا متأكد بأنها ستنتهي بإدانة من يثبت جرمه لأن الجريمه واضحه ولا تحتاج للمزايده ولا التوضيح, ولا يلقى فيها بالائمه فيما بعد باستبداد القضاء, وهو ما نراه الأن متجلياً بالحكم ببراءة متهمي موقعة الجمل والتي رغم فضاعة الجرم وهول الخساره ووضوح الدليل, لم يتمكن القضاء فيها من تثبيت التهمه, ولا ألومه بذلك , بل أنا من المقتنعين بحيثيات حكم القاضي ببراءة المتهمين القانونيه وليس الفعليه, فبواقع الأمر قناعتي هم الجناة, وبحكم القاضي مقتع ٌ ببرائتهم, فالنيابه العامه وبحكم الإختصاص لم تقدم الدليل الواضح الذي لا يقبل الشك للقاضي, بل وعلى العكس, قدمت هديه لفرق الدفاع عن المتهمين متمثلة ً بأدله تسقط قانوناً بمجرد طرحها لما إعتراها من تزوير ٍ متعمد وحقائق متناقضه ومغلوطه أحرجت القاضي فإن أخذ بها أتهم لاحقاً بتحكيمه لعواطفه وتأثره بالرأي العام, وإن رفضها القاضي (وهو ما حدث) ثارة الحشود وطالبة بتطهير القضاء واستئناف الحكم ومحاسبة المسؤولين, وهم في رأيي وبكل وضوح جهة الإختصاص “النيابه العامه” وليس القضاء, وإن كان من رأيي أن نظر القضيه كان لا بد أن يتم عبر محاكم إستثنائيه ثوريه قانونيه مراقبه وتراعي حقوق المتهم, جهة الإدعاء بها مشكله إستثنائياً للغرض فقط وتتمتع بكامل الصلاحيا توالمقومات لاستحضار الأدله وتقديمها.
ما يتعلق من رأيٍ” بواقعة الجمل” لا يلغي واقعاً متمثلا ً بضرورة إعادة هيكلة وبناء القضاء المصري المعاصر والذي عانى من تدخلات الحكم السابق وزرعه لبعض الرموز الفاسده وإفسادهم لقدسية القضاء وعدالته (العمياء) التي لا ترى المظاهر
. قد يكون تحديد سن قانوني للنائب العام في الدستور الجديد أحد الحلول لضمان محاسة المقصر, أو أن يتم إنتخابه مباشرة ً عبر الشعب لا عن طريق المجلس الأعلى للقضاء أو حتمية الموافقه عليه أو عزله عبر عرضه على البرلمان وضرورة تمتعه بموافقة الثلثين لنيل الثقة فيه.
أخيرا ً أقدم تقديري لمؤسسة الرئاسه بمصر على غضهم النظر عن التحدي القضائي لقرار الرأيس والسير قدما ً بمسيرة الإصلاح والتنميه والتغيير دون الخوض بالمزيد من المهاترات الإعلاميه المصطنعه ودون التعدي على حصانة القضاء ومنسوبيه حتى ولو كانو من بقايا العهد البائد, تغييرهم مطلبٌ شعبي, فالأيام كفيله بالتغيير والكراسي لا تدوم ولكل مخطئ نهايه ويومٌ يعاقب فيه ويحاسب حتى لو طال زمانه وامتد.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023