شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

وداعا أيها النائم العام! – محمد القاضي

وداعا أيها النائم العام!  – محمد القاضي
  أزمة النائب العام الأخيرة جعلتني أرجع بالذاكرة إلى الدور الذي كان يقوم به النائب العام زمن مبارك.. فالرجل عاش...

 

أزمة النائب العام الأخيرة جعلتني أرجع بالذاكرة إلى الدور الذي كان يقوم به النائب العام زمن مبارك.. فالرجل عاش الفترة التي قضاها في منصبه في عهد مبارك نائما عن كل حق.. لم يكن يهتم بقضايا المظلومين أبدا.. ولا يقوم بتحريك أية قضية إلا إذا أمره أسياده بتحريكها بعد طمس كل أدلة الإدانة ضد الكبار.. لم يكن أحد يهتم بهذا المنصب لأنه مثل أي منصب في عهد النظام السابق كان نوعا من السكرتارية التي كان يؤديها الوزراء وأصحاب المناصب الرفيعة في البلاد.. عاش الرجل بحق تلك الفترة في ظل الشعار العتيق: (أنا عبد المأمور) لم يشغل الرجل نفسه بقصة هيبة القضاء واستقلال القضاء ..

وعندما قامت الثورة ورأى المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد عقب نظام مبارك أن يسير في إطار القانون الذي صنعه الفاسدون ليديروا به البلاد وفق هواهم.. لم يكن متوقعا من السيد النائب العام أن يستيقظ من غفلته وأن يحرك أية قضية ضد أحد من أفراد النظام السابق.. هل من المعقول أن يكون في صف الثورة التي أطاحت برئيس الجمهورية الذي عينه؟.. وهل من المعقول أن يقوم بأي إجراء ضد فتحي سرور الذي ناقشه في رسالة دكتوراه هزيلة حصل الرجل عليها قبل الثورة بأيام؟ .. وعلى رأى المثل بعد ما شاب بعتوه للكُتَّاب.

ها هي ذي كل القضايا تنتهي نهايات مضحكة ويخرج المجرمون منها زى الشعرة من العجين صفحتهم بيضاء من غير سوء.. تمثيليات متكررة يحاولون خداع الشعب بها يقولون النائب العام بريء منها لقد كان يباشر التحقيق فيها قضاة تحقيق .. نعم قضاة تحقيق جاءوا بهم ليباشروا التحقيق في القضايا بعد أن أعدوا كل شيء وأخفوا كل دليل إدانة ضد هؤلاء المجرمين.. إنهم يا سادة عتاة في الإجرام وفي صناعة القوانين وفي إخفاء الحقائق..

أخيرا استيقظ النائب العام من نومه وأعلن أنه يرفض تنفيذ قرار الرئيس بتعيينه سفيرا في الفاتيكان وأنه لن يترك منصبه حفاظا على استقلال القضاء وهيبته.. لقد تذكر النائب العام اليوم استقلال القضاء وهيبته وانهالت عليه المكالمات لتهنئه بعودته منتصرا إلى منصبه .. لقد انتصر على الرئيس مرسي الذي استطاع أن يبعد المشير والفريق عنان من قبل.. النائب العام طلع أعتى من المشير والفريق يا رجاله.. ووقف مع النائب العام مجموعة من غير أصحاب المواقف الذين لا هم لهم إلا إفشال الرئيس بأية طريقة ولا تهمهم مصلحة البلد في شيء..

عاد النائب العام مزهوا منتفشا بعد أن أحرج مؤسسة الرئاسة وأحرج وزير العدل ونائب رئيس الجمهورية وهما من سلك القضاء..

الآن يجلس النائب العام على كرسيه فرحا سعيدا واثقا أنه لا أحد يستطيع أن يزحزحه من مكانه لأنه متحصن بحصانة القضاء.. لك كل الحق أن تفرح أيها الناب العام.. نعم افرح واطمئن فقد عدت إلى مكانك رغم أنف الجميع.. وافرح بتلقي التهاني من فتحي سرور وصفوت الشريف وأرباب السجون بعد الثورة المجيدة.. فقد قمت بعمل عظيم زينه لك الشيطان الرجيم.. (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ)..

افرح كما تشاء بالفوز في معركة دنيويةونم على كرسيك مستريحا غافلا عن سؤال الله لك يوم القيامة ..كم مظلوما ضيعت حقه في الدنيا؟ وكم شهيدا لم تقتص له من قاتله؟ .. كم إنسانا ظلمته بتقاعسك عن تحريك القضايا ضد الفاسدين؟.. كم ضيعت من أموال مصر وثرواتها بنومك الطويل عن قضايا تهريب الأموال؟.. كم مجرما من أفراد النظام السابق هرب خارج البلاد بتقاعسك عن تحريك البلاغات المقدمة ضده؟.. نفعتك حصانة الدنيا فماذا أعددت لحصانة الآخرة؟ .. هل تملك أن ترغم أحدا يوم القيامة على أن تعيش في المكان الذي تحبه… (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا.اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا).. ولن تجد وقتا يوم القيامة لتهمس في أذن الزند متهكما: أستأذن علشان عندي شغل في الفاتيكان!!! فيا ليتك قبلت الفاتيكان أو انسحبت من المشهد السياسي وتفرغت للندم على ما اقترفته يداك.. أيها البطل المغوار قاهر الرؤساء وحامي حمى القضاء!!

ماذا ستفعل في يوم قال عنه الله تعالى:)يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ.وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ.وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ.لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)؟

أنت قاضٍ أيها النائب العام قبل كل شيء.. فهل أنت مطمئن إلى أنك كنت عادلا في كل ما فعلت؟.. لا أظنك مطمئنا أبدا إلى أنك كنت عادلا..وإن كنت مطمئنا فلا أدري من أين جاءتك هذه الطمأنينة.. فنحن ما شهدنا إلا بما علمنا ورأينا بأعيننا وما كنا للغيب حافظين..

أفق من نومك أيها الرجل.. وفكر في اليوم الذي تلقى فيه ربك.. ولا تغرنك الحياة الدنيا وزينتها .. في هذه الجولة الدنيوية نلت رضا المجرمين الذين سرقوا هذا الوطن من قبل.. ولكن لا تظن أنك كسبت إنسانا واحدا من هذا الشعب العظيم .. لقد لفظك الناس جميعا.. ويقولون لك بملء أفواههم: وداعا أيها النائم العام..ولن يذكرك التاريخ إلا بكل سوء فلست من الممجدين ولا المحمودين عافانا الله جميعا من شرور أنفسنا. 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023