حالة من التناقض يعيشها الشارع السياسي المؤيد لـ «الانقلاب العسكري»، فبعد تظاهرات 30 يونيو ووقف الثائرون على نظام مرسي منادين بالحرية والعدالة الإجتماعية ومطالبين بإسقاط النظام الذي لم يحقق العدالة على حد قولهم، كانت ثمرة تظاهراتهم الأولى هي تولي د. حازم الببلاوي رئاسة الحكومة رغم ما عرف عنه بأنه من العقليات الرأسمالية والتي لا تؤمن بفكرة العدالة الاجتماعية التي قامت من أجلها ثورة يناير المجيدة.
قد يعتبر البعض بأن ذلك مجرد انتقادات واهمه، إلا أن من يطالع أحدث إصدارات الببلاوي يجد أن كتابه حول النظام الرأسمالي ومستقبله أكثر ما يمكن أن يعبر عن تفكير هذه العقلية التي اعتبرت بأن الرأسمالية عبارة عن ظاهرة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية، كما تطرق في كتابه عن التحديات التي تواجه الرأسمالية والتي لابد من القضاء عليها لترسيخ هذا النظام.
لم يتوقف الأمر على ذلك وإنما تصريحاته أثناء وجوده في حكومة دكتور عصام شرف خير شاهد على ذلك، حيث أكد أثناء توليه وزارة المالية في عهد المجلس العسكري أن الغاء الدعم ضرورة قصوى للخروج من العجز المالى الحالي، مشيرا إلى أنه كاد أن يقرر إلغاء الدعم على البنزين، ولكنه خشي من غضبة المواطنين وخروجهم فى تظاهرات.
وأوضح الببلاوي خلال لقاءه بأعضاء نادى الرواد بالعاشر من رمضان بالشرقية وقتها، ''لقد بدأت بالغاء الدعم عن الصناعات كثيفة الطاقة مثل صناعة الحديد والسيراميك والأسمنت والاسمدة، لأن دعمها لا يصل للمواطن وإنما يصل لصاحب المصنع فحسب''.
وأضاف وزير المالية الأسبق، أن مصر لن تتقدم الإ بوضع رؤية مستقبلية لحل أزماتها وفى مقدماتها معالجة القضية السكانية، ''لأن استمرار الزيادة السكانية أمر بالغ الصعوبة يؤثر لأننا بلد فقير فى الموارد الطبيعية ولا نقارن بدول مثل الهند وامريكا وماليزيا وروسيا، لديها مصادر للدخل دائمة وهذا سبب المعاناة فى توفير السيولة المالية لأن مواردنا الداخلية لا تكفي".
وفي تعليقه على ذلك قال الخبير الاقتصادي حمدي بسيوني أنه يندهش كل الاندهاش لاختيار د. حازم الببلاوي لرئاسة الحكومة ليس لكونه ينتمي إلى حزب اشتراكي وديمقراطي في نفس الوقت فحسب وإنما بسبب تفكيره الرأسمالي أيضاً وهو ما يؤكد أنه غير مؤمن بفكرة العدالة الاجتماعية التي قامت ثورة يناير من أجلها بل وقامت تظاهرات 30 يونيو من أجلها أيضاً.
وأضاف بسيوني لـ "رصد" أن مصر تحولت من طريق واضح – وإن كان البعض اتهمه بالفشل – إلى عهد التناقضات السياسية والاقتصادية ما يشير إلى أننا نسير في طريق اللاعودة والذي قد تكون عواقبه وخيمة على الجميع.
كذلك فاجأ النظام الحالي الجميع بالعودة للستعانة بالكهول مرة أخرى رغم إعلانه في بيان القوات المسلحة بعد عزل الرئيس محمد مرسي بأن الفرصة ستترك بكل جدية للشباب وبعدها مباشرة يتم اختيار رئيس وزراء يقارب الثمانين من عمره ويتم عرض الحقائب الوزراية على شخصيات في نفس النطاق كوزارة التموين التي تم عرضها على دكتور جودة عبد الخالق والذي لم ينجح في إدارتها من قبل.
وأبدي اندهاشه أيضاً من الاستعانة بوزير أطلق عليه وزير عجز الموازنة في وقت سابق والذي وقف عاجزاً أمام إنقاذ مصر من أزمتها الاقتصادية عقب الثورة فكيف سينقذها الآن بعد ثورة ثانيه كما يقولون.