شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

“مصر ليست الجزائر”

“مصر ليست الجزائر”
التشابه بين المشهد المصري الحالي ومشهد الحرب الأهلية الجزائرية يبدو فقط من الوهلة الأولى والتكهنات بشأن نشوب حرب...

التشابه بين المشهد المصري الحالي ومشهد الحرب الأهلية الجزائرية يبدو فقط من الوهلة الأولى والتكهنات بشأن نشوب حرب أهلية في مصر هو أمر سابق لأوانه. 

بعد أن قامت قوات الشرطة المصرية بفض اعتصامات رابعة والنهضة بالدبابات والبلدوزرات، وبعد هذا الكم الهائل من الضحايا وبعد إعلان حالة الطوارئ . هل تقف مصر علي أعتاب حرب أهلية؟

كثير من المراقبين السياسيين يرون أن هناك تطابقاً كاملاً بين المشهد المصري الحالي والمشهد الجزائري في التسعينات ففي عامي 1991 و1992 تمكنت الجبهة الإسلامية للإنقاذ من تحقيق فوز كبير في الإنتخابات البرلمانية ـ تماماً كالإخوان المسلمين في مصر ـ  لكن الجيش ألغي نتيجة الإنتخابات؛ تماماً كما حدث من عزل الرئيس محمد مرسي المنتخب ديموقراطياً، لكن إلي هنا تنتهي نقاط التشابهة بين المشهدين.

فالجزائريون لم ينزلوا إلي الشوارع للمطالبة بعودة الشرعية بل دخلت الجزائر في حرب أهلية مسلحة دامت 15 عاماً خلفت ورائها 200 ألف قتيل.

لكن علي المرء أن يحترس عند الحديث عن تلك الحتمية التاريخية التي تتحول عندها الفوضي السياسية إلي حرب أهلية لأن هناك فارقين جوهريين بين المشهد الجزائري في التسعينات والمشهد المصري الحالي, هذان الفارقان أحدهما يخص اللاعبيين الأساسيين في المشهد والأخر يخص السياق التاريخي.

أولاً ـ فيما يخص أبطال المشهد فإن الهيكل التنظيمي للإخوان المسلمين يختلف كثيراً عن الهيكل التنظيمي للجبهة الإسلامية للإنقاذ، فجماعة الإخوان المسلمين تأسست في 1928 ولها قاعدة شعبية عريضة وبالرغم من أن الجماعة عملت لفترة طويلة بشكل غير قانوني إلا أنها أستطاعت تأسيس حزب سياسي، بينما كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ رأس حربة للقوات الإسلامية أكثر من كونها حركة إجتماعية، فالجبهة قد تأسست بشكل سريع في أكتوبر 1988 بعد الاضطرابات التي شهدتها الجزائر ومع بداية الحرب الأهلية انفرط عقد التنظيم وإستقل كل فصيل منه بذاته وهذا عكس التنظيم المتوحد والمحكم لجماعة الإخوان المسلمين.

ثانياً ـ فيما يخص السياق التاريخي فإن الحرب الأهلية الجزائرية لا يمكن فهمها إلاّ علي خلفية حرب الإستقلال التي خاضتها الجزائر ضد فرنسا ما بين عام 1954 و 1962 حيث  جبهة التحرير الجزائرية (FLN) الحاكمة في ذلك الوقت كانت قد تقلدت حتي عام 1990 العديد من المناصب القيادية في الدولة، وكان الجيش والميليشيات الإسلامية يتصارعان على التركة الثمينة لحركة التحرر من الاستعمار وعلي الحصول علي اقطاعيات وامتيازات مالية.

أما في المشهد المصري فإن التحرر من الإستعمار وتحقيق الإستقلال عام 1922 جاء بشكل دبلوماسي ولم يكن الإخوان المسلمون راغبين في جني ثمار ما بذلوه كما هو الحال مع المليشيات الإسلامية في الجزائر, كل ما في الأمر هو أن مصر بعد سقوط مبارك كانت لا تزال في ثورة.

ومن كل هذا فإن هناك درسا يجب أن نتعلمه وهو أن الإخوان المسلمين ليسوا المشكلة بل هم الحل في المشهد المصري، ويجب دمجهم في العملية السياسية فالنموذج الجزائري قد أظهر جلياً كيف يمكن لقهر توجهات الإسلاميين بسوط العسكر أن يكون خطيراً حيث من الممكن أن يؤدي ذلك إلي التحول إلي الإرهاب.


بعض الإخوان المسلمين بالفعل بدأوا بالفعل في العمل سراً، وعلي الجيش في مصر أن يحذر من خطورة ذلك الأمر وبالتالي فإنه من الأفضل إعادة الإخوان إلي مائدة المفاوضات تجنباً لهذا السيناريو.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023