شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ناصر.. وثقافة الكراهية – عبدالله النادي

ناصر.. وثقافة الكراهية – عبدالله النادي
  عادة ما تشعل ذكرى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حالة من الصراع الكبير على الساحة السياسية، بين معارضين يرون فيه...
 
عادة ما تشعل ذكرى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حالة من الصراع الكبير على الساحة السياسية، بين معارضين يرون فيه نموذجاً لحاكم فردي مستبد، رسخ لدولة ديكتاتورية قامت على الظلم والطغيان؛ حاكم أضاع الأرض والعرض وتسبب في أكبر وصمة عار على جبين مصر والعرب فى التاريخ الحديث، وبين مؤيدين يرون فيه رمزاً للقومية العربية وزعيماً لم يجد التاريخ مثله من قبل.
 
ومع ارتفاع نعرات الناصريين التي تصل إلى حد تقديس عبدالناصر كـ «شخص» وليس كـ «فكرة» باءت بالفشل في الأساس والمتمثلة في القومية العربية أو كـ «تجربة» لها مالها وعليها ما عليها، والهجوم الشرس على عبدالناصر من قبل المعارضين له كحاكم أسس لدولة مستبدة قائمة على الطغيان وشيطنة الآخر ومحو المعارضة، تتفاقم حالة الكراهية وغياب العقل والموضوعية التي تسيطر على المشهد السياسي المصري.
 
ولعل حالة الكراهية التي تسيطر على المشهد ليست وليدة اللحظة بالأساس، وإنما هي ثقافة ممتدة أسس لها الحكم الناصري نفسه من خلال الممارسات الإقصائية للتيارات السياسية، عندما اعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وأصدر قراراً في 13 يناير 1954 يقضي بحلها وحظرها، على الرغم من أن الجماعة هي أحد أهم الفصائل السياسية التي كان لها دوراً كبيراً في الثورة آنذاك، وقام باعتقال الآلاف من أعضاء الجماعة ومحاكمتهم عسكريا وإعدامهم، فضلاً عن حل مجالس النقابات مثل نقابتي المحامين والصحفيين وإلغاء الحياة النيابية والحزبية. 
 
وعلى الرغم من فشل كل محاولات الإقصاء السياسي التي مارسها الحكم العسكري طوال 60 عاماً، ضد المعارضة السياسية وخاصة الإخوان المسلمين من أجل الانفراد بالسلطة، وفوز الإخوان المسلمين بحكم مصر في أول انتخابات رئاسية نزيهة فى التاريخ المصري الحديث بعد ثورة شعبية كبيرة، إلا أن القوات المسلحة وقاداتها لم تستوعب الدرس جيداً وسارت على نهح عبد الناصر تماماً، فانقلبت على السلطة المنتخبة وضربت بإرداة المصريين عرض الحائط، ورسخت لثقافتي الكره والاستقطاب مجدداً وعمقت الصراع وأحدثت شرخاً كبيراً داخل المجتمع المصري، فأقصت الإخوان المسلمين وكل فصائل التيار الإسلامي عن المشهد السياسي من جديد تحت ذريعة الإرهاب.
 
ولا شك أن قادة الانقلاب العسكري قد ارتكبوا جرماً كبيراً عندما ظنوا أن عقارب الساعة سوف تعود للوراء مجدداً، وأن الانقلاب العسكري سوف ينجح بعد أن خرج المصريون في 25 يناير في ثورة شعبية انطلقت من أجل حرية وكرامة وعدالة اجتماعية وحياة كريمة . 
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023