في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي نقلت صحيفة الشروق المصرية نقلا عن مجلة «فورين أفيرز» الأميركية في عددها الأخير موجزا لتقرير نشرته الأخيرة حول علاقة جمال عبد الناصر مع الأميركيين وتحديدا مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي إيه التي كانت تقود في ذلك الوقت سلسلة من الانقلابات العسكرية في المنطقة تستبدل بها أنظمة الحكم القائمة. والتي كانت معظمها أنظمة ملكية بأنظمة جمهورية شكليا ولكن يحكمها مجموعة من العسكر الذين يتميزون بالطموح الشخصي والاستعداد لمراعاة مصالح أميركا في المنطقة
ورغم ما كان قد سربه الضابط معروف الخضري أحد الضباط الأحرار الذين ينتمون للإخوان المسلمين والذي كان محاصرا مع جمال عبد الناصر في الفلوجة في حرب العام 1948 من أن تصرفات عبد الناصر مع الضباط اليهود كانت مشبوهة، إلا أن ما نشرته «فورين أفيرز» من أن المخابرات الأميركية التي كانت تبحث بعد حرب العام 1948 عن ضابط مصري يدبر انقلابا على النظام الملكي وجدت أن عبد الناصر هو الأفضل فألقت بثقلها خلفه منذ العام 1949، وهو العام الذي شكل فيه جمال عبد الناصر تنظيم الضباط الأحرار الذي لم يكن في أغلبه سوى تنظيم الضباط الذي أسسه حسن البنا موازيا للنظام الخاص عام 1943
وكان يديره نائب حسن البنا الصاغ محمود لبيب الذي طلب اثنين من ضباط التنظيم وهو على فراش الموت حتى يحملهما أمانة التنظيم وأسراره وأسماء أعضائه المنتشرين داخل الجيش من بعده وهما الطيارعبد المنعم عبد الرؤوف والضابط جمال عبد الناصر الذي كان علاوة على انتمائه لتنظيم الضباط التابع للإخوان المسلمين كان منتميا لتنظيمات تتبع أحزابا وحركات سرية أخرى، غاب عبد المنعم عبد الرؤوف عن الموعد لأسباب عائلية وذهب عبد الناصر ليفاجأ بأن الصاغ محمود لبيب يطلعه على أسرار التنظيم ويعطيه خريطة تنظيم الضباط كاملة وهي التي بنى منها عبد الناصر تنظيم الضباط الأحرار بعدما استبعد منها الذين لا يحبهم وضم إليها ضباطا من تيارات أخرى ..الرواية منشورة في كتب كثيرة ومن يرجع إلى كتاب شهود ثورة يوليو لأحمد حمروش يكتشف أن أغلبية الضباط الأحرار كانوا من الإخوان المسلمين.
من المقال الذي كتبه سبرينجبروج في «فورين أفيرز» يتضح أن عبد الناصر قدم نفسه من خلال التنظيم الذي استولى عليه إلى السي آي إيه طالبا دعمهم حينما يقوم بحركته لاسيما إذا قام البريطانيون الذين كانوا يحتلون مصر بالتدخل، وهذا ما ذكره كيرميت روزفلت ومايلز كوبلاند في مذكرات كل منهما، ولهذا فإن البريطانيين لم يتدخلوا على الإطلاق لأن الأميركان كانوا قد رتبوا كل شيء، ومما أشار إليه الكاتب أن الأميركان رتبوا دعما ثانيا لعبد الناصر حينما ساعدوه على إنهاء الحياة الديمقراطية في مصر عبر حل الأحزاب وتعطيل الدستور وغير ذلك من الإجراءات الأخرى التي أشبه بنفس الإجراءات التي قام بها السيسي