من قسم شرطة حلوان، وتحديدا من الزنزانة رقم 3 تلقيت استغاثة من سجناء الرأى أراها بمنزلة نموذجا للمأساة المصرية التى تجرى فى بلادى حاليا: نحن المحبوسين السياسيين بزنزانة رقم 3 قسم شرطة حلوان لمدة تقترب من أشهر ثلاثة نحملكم أمانة أنفسنا أمام الله؛ فنحن فى عذاب مستمر، ووالله العظيم نموت موتا بطيئا لا يتخيله أحد إلا من هو معنا أو مثلنا..
ويذكر النداء أمثلة لهذا الهوان الذى يتعرضون له يوميا.. فهم محشورون مع الجنائيين فى زنزانة تضم ستين فردا مع أن مساحة المكان لا تتسع إلا لعشرين فردا على أقصى تقدير، ولذلك ترى النوم مثلا مقسما إلى أربع نبطشيات.. كل ربع ينام بالتناوب!! ومع ذلك لا يستطيعون ذلك لأن الحبس مع الجنائيين يعنى تدخينا مستمرا وصياحا ومعارك وخناقات وسبّا للدين!!
ودرجة الحرارة بالمكان تصل حاليا إلى 50 درجة، وفى الصيف تزيد عن ذلك حتى تصير "فرنا لبشر"، والدخول لقضاء الحاجة بالطوابير؛ فلا يوجد إلا مرحاض واحد! ولا يصرف لنا أى شىء من بنود الطعام أو الشراب أو الدواء!
والكتب ممنوعة وكذلك الصحف والمذياع، ولا نرى الشمس مطلقا، أما المحمول فهو جريمة يتعرض صاحبها للضرب والسحل ومصادرة المحمول أو تكسيره. والزيارات محدودة بدقيقة واحدة أو دقيقتين على الأكثر، والحشرات سيدة المكان خاصة الصراصير والناموس والبراغيت التى تحولت إلى عقارب!! وممنوع دخول المبيدات!! وكثيرا ما نسمع صوت تعذيب الجنائيين الذى يُذهب بقلوبنا ويدمع أعيننا.
وهذا النداء وتلك الاستغاثة الصادرة من سجناء الرأى الموجودين بقسم حلوان موجهة أيضا إلى منظمات حقوق الإنسان والأعلام والأحزاب السياسية، ومع ذلك لم يتحرك أحد لنجدة هؤلاء الأبطال وإنهاء تلك المأساة التى تشكل جريمة متكاملة الأركان!
والغالبية العظمى من هؤلاء مقبوض عليهم فى المظاهرات السلمية التى قامت رفضا للانقلاب!! وفى الدول الديمقراطية تجد معاملة هؤلاء بالسجون مختلفة تماما، وسرعان ما يتم تحديد مصيرهم ولا يجدد حبسهم إلا نادرا، أما عندنا فحكم العسكر له أسلوبه الوحشى فى معاملة المعارضين له، وهو بمنزلة بلاء على البلاد والعباد من حق كل مصرى وطنى أن يطالب بإسقاطه، وأقول للمجنى عليهم من حكم البطش والإرهاب إن شاء الله الفجر قادم حتى ولو طال الليل.