طبعا دفاع أعضاء مجلس النقابة عن التطبيع مع العدو الصهيونى وتبرير سفرهم للقدس أمر طبيعى، وهو لا يختلف عن دفاع المفتى السابق على جمعة الذى قال نفس المبررات، وهاجموه هم وقتها، ولكن ما استغربت له هو البيان الذى صدر عن نقابة الصحفيين وبرّأ الذين زاروا القدس ودعا لاعتبار "توضيحات الزملاء الذين سافروا كافيًا لحسم الجدل الذى شغل الجماعة الصحفية طويلا بشأن تلك الزيارة"!!.
وهم لم يدافعوا فقط عمن دخل القدس بالمخالفة لقرارات الجمعية العمومية للصحفيين والإجماع الوطنى، ولكنهم صمتوا أيضا على سباب بعض هؤلاء المطبعين لزملائهم عندما هدد عضو مجلس من المطبعين من يطعن فى غرض سفره للقدس "بالضرب بالحذاء" ونحمد الله على أن مستوى الحوار لم يصل إلى مستوى البيادة!.
وأنا سأفترض أن الزملاء ذهبوا للقدس "سلكاوى" واخترقوا الحصار حولها بالتعاون مع المقاومة الفلسطينية –كما قالوا رغم أن الجميع يعلم أنه لا توجد مقاومة فى رام الله الآن- وأن أعضاء مجلس النقابة الذين خرقوا الحظر على السفر لإسرائيل وطبّعوا مع العدو بشكل غير مباشر، غلبوا المخابرات الإسرائيلية وعشرات الحواجز الحديدية الصهيونية التى تمنع حتى فلسطينيى الأرض المحتلة عام 1948 من دخول القدس والصلاة فى الأقصى.. وأسألهم:
ألا يعملون أن مجرد حديثهم أن مسألة دخولهم القدس تمت بالترتيب مع السلطة الفلسطينية معناه أن السلطة تفاوضت بالنيابة عنهم مع الصهاينة وحصلت على تأشيرات دخول نيابة عنهم مختومة بإذن الصهاينة؛ لأن وزراء السلطة الفلسطينية أنفسهم لا يدخلون القدس أو يتحركون إلا بجوازات مرور من الدولة الصهيونية تسمى (VIP)؟!
ألا يعلم زملاؤنا الأفاضل أن أناسا فى السلطة الفلسطينية -المتعاونة مع العدو الصهيونى وتسلم له المقاومين الفلسطينيين ليعذبوهم فى سجون العدو– لهم مصلحة فى توريطهم بهدف تبرير التطبيع مع العدو، وبالمقابل تشويه المقاومة الحقيقية فى غزة سواء من حماس أو الجهاد أو باقى فصائل المقاومة؟!
هل أصبح السفر للأقصى الآن ذا فائدة بعدما كانوا هم أنفسهم يقولون إنه تطبيع ويهاجمون رؤساء تحرير الصحف المصرية الذين زاروا القدس من قبل فى صحفهم؟ ولماذا لو عاتبهم أحد يقولون –مثل الموضة المنتشرة الآن– إنه هجوم من الإخوان أو حماس، والأغرب أنهم يقولون إن الهجوم عليهم يتم بتعليمات أمنية.. أى تعليمات أمنية هذه وسلطة الانقلاب لا تطبع مع العدو الصهيونى فقط ولكنها متورطة معه فى تعاون أمنى فى سيناء.. والصهاينة يجنّدون شركاتهم الدعائية والأمنية لحماية الانقلاب والترويج له؟!
الجميع يعلم أن حدود القدس ليست بحارا أو جبالا يمكن الهروب منها، والمرور يتم باتفاق مسبق مع العدو الصهيونى وطلبات رسمية تقدم من السلطة الفلسطينية، وأن دخولهم القدس تم بموجب هذا التنسيق الأمنى الإسرائيلى الفلسطينى، فلماذا إذن ادعاء "الفهلوة" ودخول القدس منتصرين مع "المقاومة" وتبرير الخطأ بدل الاعتذار والمكابرة، وهم يعلمون أن الطريق إلى جهنم محفوف بالنوايا الحسنة؟
الكارثة أن من فعلوا هذا هم أعضاء بمجلس النقابة، ومن الطبيعى أن بعض مراحل السفر استدعت موافقة العدو الصهيونى "إسرائيل".. والكارثة الأكبر أنهم من التيار اليسارى والناصرى الذى يتزعم النضال ضد العدو الصهيونى وكانوا فى مقدمة من هاجموا الليبراليين وأعضاء الحزب الوطنى الذين فعلوا نفس فعلتهم فى السابق، ما يؤكد أن البوصلة انحرفت فلم يعودوا فقط يؤيدون الانقلاب وقتل إخوانهم وسجن زملائهم الصحفيين والتنكيل بهم، ولكنهم فقدوا حتى بوصلة العدو الحقيقى وباتوا يرونه ممثلا فى المقاومة الإسلامية (حماس) وخصمهم السياسى الذى فشلوا فى هزيمته فى انتخابات حرة وهو التيار الإسلامى.
أعضاء نقابة الصحفيين أمامهم اختبار صعب فى الانتخابات المقبلة لإزاحة هذا المجلس بالكامل.. مجلس التطبيع.. فهل يفعلون وينقّى الصف الصحفى نفسه من دعاة التطبع ومؤيدى القمع والقتل وحرق جثث المصريين؟!