شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

في مواجهة جيل المعسكر – هيثم صلاح

في مواجهة جيل المعسكر – هيثم صلاح
  عملية هزلية إجرائيا منعدمة التأثير في الحاضر و لا ينبني عليها شيء في المستقبل ... و لكنها كاشفة...

 

عملية هزلية إجرائيا منعدمة التأثير في الحاضر و لا ينبني عليها شيء في المستقبل … و لكنها كاشفة بحق . كاشفة لجوهر الصراع الذي تمثله ثورة الخامس و العشرين من يناير . صراع بين جيل أضاع عقود من عمر مصر في ظل الإستبداد و الفساد و يحمل أفكار مشوهة عن نظم الحكم و إدارة الدولة . مقتنع تماما أنه لا يستطيع العيش دون أن يقهر و أن من يحمل السلاح فوقه على درجات الإنسانية . عاش طوال عمره داخل معسكر كبير يحفظ قواعده جيدا … تعود عليها و يريد أن يموت عليها . ظهر هذا جليا في صفوف الناخبين الذين لبوا النداء و توافدوا للإدلاء بأصواتهم طاعة لأوامر قائد المعسكر … كانت الغالبية الساحقة فوق ال45 . الكارثي أنهم يريدون إجبار جيلنا على العيش معهم في ظل المعسكر و لائحته و يظنون أنهم يعرفون مصلحتنا أكثر منا و أنهم أكثر وطنية و حرصا على البلاد منا . و لا تفكر في سؤالهم عن منطقهم و ماذا صنع طوال العقود الماضية ماذا قدموا لمصر ؟ ماذا جلب لمصر سوى الفساد و التخلف ؟ لاتحاول هذا الطريق مسدود .. هم لا يرون تخلفا أصلا !! لا نريد أن نستمر في هجاء الأجيال طويلا و لكن المشهد يوم الإستفتاء كان معبرا بالفعل , فغياب الشباب الذي لا تخطئه عين عبر بصدق عن أن ما يحدث . ينتمي لماض يراد أن يتم إعادة إنتاجه . 
 
يريد من ليس لديه الحق في المستقبل فرض صورة ماضيه البغيض علينا و يمضي في حراسة بنادق العسكر لتشويه حياتنا السياسية و الإجتماعية طبقا لوعيه المريض . فهل يصح أن يستسلم شباب هذه الأمة لهذه المحاولة الغاشمة ؟ هل يقبل الإنتظام في سلك المعسكر لتعود دورة التخلف بلا توقف ؟ إن ما يحدث الآن لا يمثل خطرا على الحريات و الحياة السياسية في المستقبل فحسب و إنما أيضا على الأمن القومي فمن يدرك جيدا حال القوات المسلحة أفرادا و تنظيما و تسليحا و عقيدة تحت قيادة الطغمة الفاسدة يعمل أننا مكشوفون … حاليا و مستقبلا . إن من حق من بذل الأرواح في ثورة الخامس و العشرين من يناير أن يحقق ما أراد من هذه الثورة . مقاطعة الشباب للإستفتاء الذي أقامه الإنقلاب العسكري يعبر عن وعي حقيقي و إصرار على تحقيق أهداف الثورة التي لم يصل إليها حتى الآن . لم يجد ما يحقق له قيم العدالة و الشفافية و إحترام كرامة الإنسان في المجتمع و المؤسسات المصرية . لم يجد ما يحلم به من أن تضع مصر قدمها على أول طريق الدول المتطورة التي نستحق بالفعل أن نصبح مثلها و لا ينقصنا سوى إرساء القواعد اللازمة لذلك . 
 
و ليعلم الشباب أن فكرة الجيل المشترك تجمعهم بشكل تمكنهم من إنجاح الثورة لو أحسنوا إستغلالها , ففي كل الفصائل السياسية التي أفسدت بأخطائها المرحلة الماضية تجد نسبة الإعتراض على الأخطاء في الشباب أكثر من غيرهم . و هذا يعني وجود عقلا جمعيا للشباب يدرك خريطة أهدافه بعيدا عن صراعات الكبار . كل ما يحتاجه هذا العقل الجمعي هو وجود الكيان الذي يتجاوز الخلافات الأيديولوجيا ليقدم له خريطة الأهداف هذه ليتحول إلى تيار يعيد الثورة مرة أخرى و يجذب ملايين الشباب الذين يبحثون عن المستقبل .
 
خريطة الأهداف هذه تتلخص أولا في القضاء على النظام القديم فكريا أولا بوضع قواعد جديدة لتسيير مؤسسات الدولة بعيدا عن الفساد الإداري و المحسوبية و الرشوة و غياب الشفافية . فليس نجاح الثورة في أن تعمل المؤسسات بنفس قواعد النظام القديم لحساب طرف صالح منتخب جديد … و إنما إزالة هذه القواعد تماما و إرساء قواعد الصلاح بدلا منها . ثم القضاء عليه ماديا بتطهير المؤسسات من عناصر النظام القديم الفاعلة في الفساد و محاسبة كل من أجرم في حق الشعب المصري . و عملية التطهير هذه تتم تحت إشراف الهيئة الثورية الجديدة … لا شرعية لأحد سواها و لا إستحقاق ديموقراطي قبل إتمام تنظيف المؤسسات حتى ترسى الديموقراطية على قاعدة صلبة . ثانيا تعديل الدستور المستفتى عليه في 2012 حتى يصل إلى الصورة التي تعبر عن الجميع و تجسد طموحات جيل الثورة في مستقبل أفضل يسع الجميع بلا إقصاء لأي أحد سوى المجرمين فقط . بما أن الكبار أثبتوا أنهم يتطرفون على النقيضين فليفسحوا المجال لنا ربما نثبت لهم أن بإمكاننا تحقيق ما هو أفضل و في النهاية نحن أحق بالعقود القادمة . و لإتمام الشكليات فمن الممكن القبول بعودة الدكتور مرسي كرئيس إنتقالي يدير مرحلة التطهير و لا يتحكم بها و يكون الإتفاق على طبيعة وجوده الإنتقالية و حدود صلاحيته في هذه المرحلة . فالمدني المنتخب حتى لو فشل فهو أفضل بالتأكيد من أن تخرج لنا الولايات المتحدة من جعبتها عسكريا آخر يكرر نفس الخدعة و نكون مضطرين للوقوع في براثن العسكر مجددا . 
 
نحن الآن في مواجهة جيل المعسكر و هذه المواجهة لا يمكن خوضها بمجرد المقاطعة لعملية هزلية فهذه سلبية لا تناسب الشباب . و لكن على الشباب العودة إلى مسار الثورة بكل قوة و ليعلموا أنهم يواجهون ثورة مضادة مسلحة تقاتل – حرفيا- للعودة لحكم مصر و بالتالي ستكون المواجهة مريرة للغاية و لكنها حتمية . فالصراع هذه المرة ليس من أجل سلطة و إنما من أجل المستقبل .
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023