شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

وفاز أردوغان !! – م. معين نعيم

وفاز أردوغان !!  – م. معين نعيم
  بعد مرور فترة الزخم السياسي الخاص بالانتخابات التركية وبدأ عودة الحياة السياسية لما يمكن أن يسمى...

 

بعد مرور فترة الزخم السياسي الخاص بالانتخابات التركية وبدأ عودة الحياة السياسية لما يمكن أن يسمى وضعها الطبيعي نعود بهدوء لنقرأ هذه النتائج ونسعى لمفهم موقع أردوغان الشخص منها رغم أنها بلد تقول أنها ديمقراطية وأن الحزب منذ نشأته يتكلم بأعماله واجازاته فما الذي حدث لتعلو صورة أردوغان وصوته فوق الانجازات والخدمات في انتخابات بلدية الأصل فيها ان يكون التنافس فيها على كسب تأييد المواطن من خلال ما قدمته الأحزاب من خدمات وما تقدمه من وعود . 
 
 
ولفهم هذا الوضع يجب أن نعود للوراء لصيف 2013 حيث عاشت تركيا أحداث ما سمته المعارضة بالربيع التركي والذي لم يزهر إلا في حدائق أردوغان وحزبه والذي أسمته الحكومة محولة انقالب فاشلة على تركيا القوية وتركيا الحديثة , فقد ركزت المعارضة في هجومها حينها على شخص أردوغان واتهمته بالدكتاتورية والفاشية ومنع الحريات وحتى التدخل في أعداد المواليد لما اشتهر به أردوغان من توصية للمواطنين الأتراك في كل فرصة بإنجاب ثلاث أطفال على الأقل لأنه يرى في ذلك حماية لتركيا من الشيخوخة واستغل الإعلام العربي والعالمي المناهض لتركيا العدالة والتنمية هذا الهجوم وهذه الحملة ليستخدم مفرداتها في توصيف حال تركيا والعدالة والتنمية تحت حكم أردوغان وقد ساعد في ذلك الهجوم العنيف الذي شنه أردوغان على مخاليفيه في حينها من المتظاهرين ووصفهم باللصوص وناهبي الطرقات وكذلك اتهمهم بأعداء الدين والأخلاق ودعمه المطلق لاستخدام الشرطة لما قال عنه العديد من المراقبين قوة مفرطة ضد المتظاهرين .
 
 
وعلى الصعيد الآخر فقد كان الارتباك سيد الموقف في جبهة الحكومة والحزب الحاكم وحتى أن بعض التصريحات المرتبكة صدرت عن قيادات في الحزب الحاكم من بينهم نائب رئيس الوزراء أظهرت أن الحكومة ترغب بالتنازل لصالح المتظاهرين خوفا من أن تتسع رقعة المظاهرات وتنتشر فعلا كما حدث في أحداث الربيع العربي في الدول العربية ودعم ذلك موقف رئيس الجمهورية عبد الله جول الذي كان يعتبر من حمائم الحزب الحاكم الذي قال أنه يرى أن هناك قوة مفرطة استخدمت ضد المتظاهرين وعلى الحكومة تحمل مسؤولياتها تجاه مثل هذه الأمور ولكن أردوغان وفريقه المصغر كان لهم موقف مخالف حيث اعتبروا ان هذه معركة غير ديمقراطية ومحاولة من المعارضة وحلفاءها لتغيير الوجه السياسي لتركيا الذي لم يستطيعوا تغييره خلال الانتخابات الديمقراطية المتكررة التي عاشتها البلاد في عقدها الأخير وبناء على هذه الوجهة مضى أردوغان في موجهته التي بدى فيها وحيدا أو على الأقل متقدمًا جدًا عن رفاقه في الحزب والحكومة وأعلن أن معركته هذه مع لوبيات الاقتصاد المحلي والدولي لن تتوقف وأنه سيمضي في الأمر حتى النهاية وقد ساعده على اتخاذ هذا الموقف ما بدر من أقول وأفعال ومن رجال أعملا محسوبين على المعارضة من دعم بصحفهم وإذاعاتهم المسموعة والمرئية للمتظاهرين وتشبيههم بالمخلصين للأمة من الدكتاتور أردوغان مرورا بالدعم المالي والمادي للمتظاهرين في الساحات من إمدادهم بما يحتاجون من طعام وغذاء ووسائل دفاع عن النفس وكذلك فتحهم لمؤسساتهم وفنادقهم للمتظاهرين لاستخدامها كمقرات وقد تكلم الكثير من الباحثين والسياسيين المؤيدين والمعارضين للعدالة والتنمية أن الهدف هو عدالة وتنمية بدون أردوغان وإن لم يكن ممكنا فتركيا بدون عدالة وتنمية .
 
 
ورغم ما عرف عن تأثير شخص أردوغان في القرار السياسي للحزب إلا أن الأمر لم يكن واضحا بقدر ما اتضح خلال هذا الحدث فقد كان نجم أردوغان الشخص يبرز يوما بعد يوم حتى كان يوم استقباله في مطار اسطنبول بعد عودته من زيارة المغرب العربي في منتصف ليلة السابع من حزيران حيث توافد الآلاف لاستقباله هاتفين باسمه وباسمه فقط وانتشر هذا الهتاف في الأيام التالية في كل أنشطة الحزب وقواعده في أنحاء تركيا حتى انتهت الأزمة بخسارة فادحة للمعارضة انعكست وبشكل واضح على الاستطلاعات مما عزز موقفه كلاعب أساسي في المعركة السياسية.
 
 
وجاءت الحملة الثانية لاسقاطه بعد أن فشلت المحاولة الأولى من خلال ضربه في مقتل وقد كان شعار العدالة والتنمية هو محاربة القوانين التي وضعتها الانقالبات من قبل ومحاربة الفقر وأخيرا محاربة الفساد المالي والإداري في الدولة وهي الأمراض الثلاثة التي أنهكت الدولة التركية منذ عشرات السنوات ولم يحاول أحد الاقتراب منها وخاصة الأولى والثالثة إلا واكتوى بنارها أو أطيح به دون رحمة . 
 
 
لذلك فقد جاءت الحملة الأخيرة والتي سبقت الانتخابات بأربعة أشهر مبنية على طعن أردوغان في أقرب الناس إليه من الحكومة بتهم الرشاوى والفساد التي جمعت من ثلاث قضايا مختلفة لتجمع في ملف واحد فتسقط على راس الحكومة التركية كالمطرقة محاولة إسقاطها وذلك من خلال اعتقال أبناء ثلاث من الوزراء المقربين منه في الحكومة ثم لحقتها محاولة الضربة الثانية في الخامس والعشرون من الشهر نفسه والتي كانت موجهة لاعتقال ابن أردوغان شخصيا وبعض رجال الأعمال العرب والأتراك المقربين من أردوغان وعائلته والتي حالت الاجراءات الحكومية والتغييرات الاستثنائية في الشرطة والقضاء دون تنفيذها وقد أكد ذلك ما زعم أنها تسريبات صوتية لرجل أردوغان الأول في الحكومة ومستشاره السابق الذي أصبح بعدها وزيرا للداخلية وهو يأمر مدير عام شرطة اسطنبول بعدم الانصياع لأمر المدعي العام المساعد الذي يعرف عنه ارتباطه بما سمته الحكومة التركية الدولة الموازية التي تقود الحملة بل ويطلبه بتهديد المدعي باعتقاله بتهمة تشطيل عصابة داخل الدولة وفي هذه الأزمة أيضا برز دور أردوغان الشخصي الذي وقف بنفسه في مواجهة ما أسماه بالتنظيم المواز. 
 
 
ومنذ بداية الأزمة تركز هجوم المعارضة وبدعم من جماعة فتح الله جولن التي تتهم بأنها هي من يقود تنظيم الدولة الموازية على أردوغان شخصيا وعلى نظافة يده وبدأت حرب التسجيلات المسربة أحيانا والمفبركة أحيانا أخرى على أردوغان وعائلته والمقربين منه وقد اعترف أردوغان بصحة بعض هذه التسجيلات وخاصة التي قيل انه وجه فيها الإعلام وطالب مالكي الصحف بتهميش أو طرد بعض الكتاب الذين اعتبرهم مثيري الفتنة أو مسوهي صورة تركيا ولكنه أنكر التسجيلات التي اتهمته بالفساد المالي بل واعتبر مروجيها خون يريون تدمير تركيا الكبيرة والقوية . 
 
 
وفي رد فعل طبيعية بدأت الحكومة وأنصار العدالة والتنمية في حملة مضادة بدعم أردوغان وتبرأة ساحته من الاتهامات الموجهة إليه فكانت الدعاية الانتخابية التي بدأت بعيد انطلاق هذه الحملة ترتكز في محورها الأساسي على شخص أردوغان وكم قدم من خدمات لتركيا لحولها من تركيا المتسوبة على ابواب المؤسسات الدولية لتركيا التي تصرخ بمطالبها دون خوف وتركيا التي كانت لا تذكر في الساحات الدولية والاقليمية إلى تركيا صاحبة الكلمة المؤثرة في كل ملفات المنطقة من تركيا التي كانت تتعاون مع الغرب والاحتلال الاسرائيلي كأداة طائعة في يدهم إلى تركيا التي تتبنى مواقف مناصرة لشعوب المنطقة وقضاياها حتى لو كان ذلك في عكس رغبات ومطالب الكيان الاسرائيلي والغرب وركزوا في ذلك على مواقفه من قضية فلسطين وسوريا والانقلاب في مصر مما نتج عنه أن المواطن بدأ في يرى في الانتخابات إما أن ينتخب أردوغان وينصره على الدولة الموزاية والمعارضة التي ذاق من حكوماتها في الماضي الأمرين أو أن ينتخب أردوغان فيفوز ويتقدم أكثر نحو القضاء على خصومه السريين من التنظيم المواز وهذا ما حدث وقد برز ذلك في أغاني الدعاية الانتخابية وكذلك الصور الخاصة بالمرشحين فقد كانت تنتشر صور أردوغان أكثر من صور المرشحين أنفسهم في أحياءهم وقراهم ولا أدل على ذلك من أن شعبية الكثير من مرشحي العدالة والتنمية قد زادت في مناطقهم في الأسبوعين الأخيرين عما كانت عليه قبل شهر أو شهرين من الانتخابات رغم عدم تغير طرحهم أو وعودهم الانتخابية ولكن الشارع التركي وكما شهدناه هنا كانت نسبة لا بأس بها منه تصوت لأردوغان وتركيا أردوغان لا للعدالة والتنمية ومشاريعه المحلية أو البلدية وبهذا فاز أردوغان . 

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023