زفت إلينا وسائل الإعلام نبأ تشكيل تحالف القبائل السيناوية لمحاربة تنظيم أنصار بيت المقدس فى سيناء ، حيث أعلنت ٢٣ قبيلة من قبائل سيناء حملها السلاح والدفاع عن شمال ووسط سيناء لصد هجمات ذلك التنظيم المسلح ، والمدهش أن وسائل الإعلام الحكومية هى من عملت على إبراز هذا الخبر وقامت بعمل متابعات شبه يوميه له ، كما أنه من الملفت أن القوات المسلحة لم تصدر أى بيان تؤكد أو تنفى فيه هذه الأخبار ، خاصة أن بيان القبائل أكدأن تحالفهم سيقاتل بجانب قوات الجيش ، فصمت القوات المسلحة على انشاء هذا التحالف دليل على اقرار الجيش لبعض القبائل ان لم يكن هو-الجيش- داعما لهم ولكن هذا التحالف الذى تم تشكيله من قبل تلك القبائل سيكون له تداعيات متمثلة فى:
١- عدم دستورية هذا التحالف ، فالدستور الحالى ينص فى مادته 200 على” يحظر على أى فرد أو هيئة أو جماعة أو جهة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية ” وعليه فإن تحالف القبائل غير دستوري ، ويشكل انتهاكا للدستور الحالى الذى تم وضعه من قبل النظام الحالى .
٢- هذا التحالف كان بمثابة شهادة فشل للتفويض الذى حصل عليه السيسى فى ٢٦ يوليو ٢٠١٣ ، عندما طالب الشعب باعطاؤه تفويض لمواجهة الارهاب المحتمل ، وقد أعطاه جزء من الشعب هذا التفويض ، ولكنه فشل فى مواجهة هذا الارهاب ، بدليل سعى النظام لتشكيل تحالف من قبائل سيناء للقيام بهذا الدور .
٣- ظهور ذلك التحالف يؤكد أن الإجراءات التى اتخذها النظام الحالى فى سيناء بدءا من حظر التجوال مرورا بالتهجير انتهاءا الى إنشاء قيادة موحدة ، كانت كلها إجراءات خاطئة و فاشلة ، لأنها لم تفلح فى كبح أنصار بيت المقدس ، بل أمام كل إجراء يتخذ يقابله عملية من ذلك التنظيم تكون أكثر عنفا و شدة من سابقتها.
٤- إنشاء هذا التحالف يبدد فكرة سيادة و هيبة الدولة ، وعندما تقرر القبائل إنشاء قوة عسكرية ، فهذا يدل على أن هيبة الدولة وسيادتها تتهاوى ، بل تذهب فى مهب الريح ، وأن الدولة ضعيفة ، ولا تملك القدرة على حماية أراضيها.
٥- تكوين هذا التحالف لن يؤدى الى أن تنعم سيناء بالأمن والتنمية فى القريب العاجل ، بل ربما ستزداد المواجهة وتزيد رقعتها ، وبالتالى سيتكبد أهل سيناء الكثير من الخسائر لأنها ستكون حرب عصابات .
٦- تحالف القبائل دليل على فشل النظام القائم – ذو الخلفية العسكرية – فى الحفاظ على الأمن القومى ببعديه العسكري والأمنى ، وهذا ينبئ عن اخفاقه فى الأبعاد الأخرى للأمن القومى سياسيا واقتصاديا وتنمويا .
٧- تحالف القبائل لا يضم جميع القبائل الموجودة فى سيناء ، كما أن التنظيمات التى تواجه الدولة يوجد بها عدد من أبناء القبائل ، وبالتالى ربما تؤدى المواجهات التى ستحدث بين التحالف وتلك التنظيمات إلى مواجهات بين القبائل وبعضها ، وعندها ستدخل سيناء فى أتون الحرب الأهلية.
٨- هذا التحالف يفتح الباب لتشكيل مليشيات عسكرية على غرار العشائر السنية ومليشيات الحشد الشيعى بالعراق ، وعندها ستصبح الدولة كيان لا قيمة له فى تلك المناطق التى ستتكون فيها هذه المليشيات .
٩- ولاء هذا التحالف لمن سيكون للدولة أم لشيوخ القبائل ؟! والكل يعلم أن عادات وتقاليد القبائل تجعل شيخ القبيلة هو الحاكم ويكون له الولاء ، ومن ثم فإن المتحكم فى هذه التشكيلات العسكرية هو شيخ القبيلة ، والذى يمكن له أن يستخدمها فى أى وقت ضد أى طرف فى أى مكان عندما تتعارض مع مصالحه .
١٠- قبول الدولة بإنشاء ذلك التحالف يساعد على إمكانية تخل المجتمع الدولى ومن خلفه إسرائيل فى سيناء بذريعة محاربة الإرهاب والحفاظ على أمن إسرائيل ، وعندها ستدخل سيناء تحت الوصاية الدولية ، وربما حينها ينتهى الأمر إلى احتلال سيناء مرة أخرى .
إن سياسات النظام الحالى بحق سيناء أثبتت فشلها ، وحان الوقت لكى يعلم الشعب أن هذا النظام لم يلحق بمصر إلا كل أذى وفشل ودمار وخراب ، ومن ثمّ وجب على ذلك النظام الخروج من المشهد الحالى حتى تعود مصر دولة ديمقراطية مدنية حديثة آمنة .