شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فتى روسينغارد الأول

فتى روسينغارد الأول
في روسينغارد، ذلك الحيّ السويديَ الفقير المليء بالمهاجرين من مختلف الأعراق والديانات والذي يقع داخل مدينة “مالمو”، والتي تنضوي بدورها تحت لواء مقاطعة “سكونا” في أقصى جنوب السويد، نشأ شابٌ من أصول بوسنية مسلمة

(1)
“يمكنك أن تخرج شخصًا من روسينغارد، لكنك لن تستطيع إخراج روسينغارد منه”.

في روسينغارد، ذلك الحيّ السويديَ الفقير المليء بالمهاجرين من مختلف الأعراق والديانات والذي يقع داخل مدينة “مالمو”، والتي تنضوي بدورها تحت لواء مقاطعة “سكونا” في أقصى جنوب السويد، نشأ شابٌ من أصول بوسنية مسلمة، أمُّه وأباه مُنفصلان، أمه تعمل كعاملة تنظيف وأبوه مدمنٌ للكحول، يروي الفتى ذو الطباع الحادة: “أن أمه كانت تكسر عليه الملاعق من كثرة الضرب ثم تجبره على شراء جُدد لتضربه بها مرة أخرى، بينما أبوه فكان منشغلًا دائمًا بحرب البلقان ولا يُعيره اهتمامًا إلا عندما تنفذ زجاجات الشراب من الثلاجة”.

هذا الشاب هو سارق الدراجات الهوائية السابق وأسطورة كرة القدم الحالية “زلاتان إبراهيموفيتش”.

يبدو أن زلاتان كان صادقًا عندما قال أنه لا يمكنك إخراج روسينغارد من قلب من نشأ بها حتى وإن غادرها، فطباع السويدي لا تشبه أيًا من طباع نجوم عالم الكرة، حيث اللباقة والتواضع والروح الرياضية إلى آخر هذه الترهات التي تقتل المتعة.

ففي الملعب الكل يخشى زلاتان، حكامًا ولاعبين ومدربين، وفي الخارج لا يجرؤ صحفيّ على استفزازه وإلّا كان مصيره كمصير تلك الصحفية التي سألته عن الشائعات التي تقول بأنه شاذ جنسيًا! فما كان منه سوى أن طلب منها أن تصطحب أختها وتأتي إلى منزله ليريهما إن كان شاذًا أم لا!

(2)
Zlatan does not make auditions””

“زلاتان لا يقوم بتجارب أداء”.

يروي المدرب الفرنسي المُخضرم “أرسين فينجر” المدير الفني لنادي الأرسنال، أنه ذات يوم وصله تقرير من أحد كشافي اللاعبين في السويد، يفيد بأن هناك موهبةً صاعدة يُنصح بالتعاقد معها قبل أن يخطفها نادي أياكس الهولندي، لكن لم تتسن له الفرصة لمشاهدتها، لكنه أنصت لكشافه وقام بالفعل بالاتصال به وطلب منه إجراء فترة معايشة للوقوف على مستواه، فما كان من الشاب صاحب الثمانية عشر عامًا سوى الرد بأن زلاتان لا يقوم بتجارب أداء.
يكمل أرسين، لقد فاجأني بردّه، ما كل هذا الغرور والعنجهية لفتًى لم يُغادر السويد بعد!

(3)

” I am a Ferrari and you driving me as if I am a fiat.”
كان هذا رد إبراهيموفيتش على جوارديولا عندما طلب منه أدوارًا في الملعب تقوم “بتحجيمه” وكبته في الملعب.

كانت مشكلة زلاتان الأساسية مع جوارديولا، مشكلة فلسفية بالأساس كما ذكر في كتاب سيرته الذاتية “أنا زلاتان”، هو يريد أن يأتي إلى التدريب بالسيارة اللامبورجيني بينما يطلبون منه في برشلونة قيادة “الأودي” دون تجاوز حدود السرعة.

فإبراهيموفيتش له فلسفته الخاصة في كل شيء، ولا يمكنك أن تفرض عليه نمطًا معينًا مهما كان ثقلك، يكمل إبراهيموفيتش عن برشلونة، “كنت أشعر أنني أذهب إلى المدرسة وليس إلى التدريب، الكل يؤمن على كلام جوارديولا، لا مجال للنقاش، هذا لا يناسب زلاتان”.

(4)
يروي الكاتب ديفيد لاجركرانتر، كاتب السيرة الذاتية لإبراهيموفيتش، عن المقابلة الأولى له مع إبراهيموفيتش، فاجأه السويديّ بسؤال غريب “ديفيد، هل تؤمن بالله؟”، يكمل ديفيد قائلًا: ظننت لوهلة أنني وقعت مع شخص متزمت دينيًا، لكنه قطع صدمتي قائلًا: إن لم تؤمن بالله، فإنك لا تؤمن بزلاتان.

لم أستطع أن أجد تعليقًا على هذا الموقف.

(5)
الموهوبون في عالم الكرة ينقسمون إلى مدرستين؛ مدرسة “الشوكة والسكينة” ويتربع على عرش هذه المدرسة ريكاردو كاكا. حيث السهل المُمتنع، السلاسة في الأداء، حيث تعليمات المدرب يُضاف إليها لمسة خاصة من اللاعب.

بالطبع هذه المدرسة لها محبيها ومريديها، لكن في الجهة المقابلة توجد مدرسة “الفَجَرة” ولم أستطع أن أجد اسمًا أبلغ من هذا، وعلى قمتها الأسطورة الأرجنتينية دييجو أرماندو مارادونا ويليه فتى روسينغارد الأول إبراهيموفيتش، مِن الذين يملكون الموهبة الفذة والكاريزما الطاغية، الذين يتعاملون مع الكرة كما يحلو لهم هم لا كما يطلب المدير الفني، الذين يصنعون الفارق داخل المستطيل الأخضر وخارجه، أولئك الخارقين للعادة الذين يعطون كرة القدم نكهتها الخاصة. الذين يفوزون بالمباريات قبل خوضها.

سيصرخ أحدهم وأين ميسي؟

يا سادة الكل يحب ميسي، الكل يستمتع بميسي وبمرواغاته وأهدافه، لكن أين الإثارة والمتعة إن كنت محبوبًا من الجميع، أين أعداؤك وخصومك الذين تود إيذاءهم -نفسيًا- باستعراضك، وبإشاراتك وحركاتك المستفزة، هذه متعة لا يدركها سوى المتيمون بالكرة، الذين يفرحون لخسارة منافسهم أكثر من فوز فريقهم.

عندما تشاهد الكرة بين أقدام إبرا تدرك لم خُلقت كرة القدم، وكأن لوحة إعلانية كبيرة تظهر أمامك كُتِب عليها “Haters Watch Out”.

المقال الأصلي



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023