بعد خمسين عاما من تحريم العقيد الراحل معمر القذافى للديمقراطية وحق الانتخاب بموجب قوانين وضعها فى كتابه الأخضر، ينتخب الليبيون السبت القادم المؤتمر الوطنى العام، حيث يقترع فى هذه الانتخابات 2.8 مليون ليبى سجلوا أسماءهم فى سجل التصويت أى نحو 80% من عدد الناخبين المفترضين.
وعلى الرغم من تجريف الحياة السياسية فى ليبيا طيلة الخمسين عاما الماضية إلا أن هناك العديد من الكيانات السياسية استطاعت تنظيم صفوفها لخوض انتخابات المؤتمر الوطنى لكن هناك العديد من المراقبين يرون أن من بين هذه الكيانات السياسية ثلاثة كيانات مرشحة للحصول على نسبة كبيرة من مقاعد المؤتمر العام تتمثل فى ثلاث جهات.
العدالة والبناء
يأتي في مقدمة هذه الأحزاب حزب العدالة والبناء والذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين بعد الثورة وأعلن الحزب عند تأسيسه أنه يهدف إلى المساهمة في بناء نظام سياسي ديمقراطي فعال, يستأصل جذور الاستبداد وحكم الفرد, ويعزز المشاركة السياسية من خلال العمل السلمي, ويقوم على أساس العدل والحرية والكرامة, ويفسح المجال لجميع المواطنين في المشاركة لبناء دولتهم, ونهضة وطنهم, ويؤسس لحياة إنسانية كريمة .
ويساهم في إقامة قضاء عادل ومستقل والنهوض بالاقتصاد وتقديم أفضل الخدمات, والاعتماد على الكفاءات, وتبني سياسة تعزيز الشفافية والمساءلة, واستخدام كافة الآليات؛ للقضاء على مظاهر الفساد وبناء مؤسسات الدولة العامة على أساس اللامركزية الإدارية وتأمين الاحتياجيات والخدمات الأساسية.
ويعد الحزب ببناء العلاقات مع المجتمع الدولي بشكل يحقق التواصل الإنساني, ويعمق التعاون والشراكة المتوازنة, في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة .
وبحسب مجلة الفورين بوليسى الأمريكية فإن جماعة الإخوان المسلمين الليبية تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد مع الجماهير في الشارع، حيث لم تتح لها الفرصة فى الشوارع والنقابات وتكوين منظمات أو مؤسسات لعمل شبكة من العيادات والخدمات الاجتماعية ويتوقع العديد من المراقبين أن يحصل حزب العدالة والبناء على نسبة كبيرة من مقاعد المؤتمر الوطنى .
تحالف القوى الوطنية
وثانى هذه الكيانات المرشحة للحصول على نسبة من مقاعد المؤتمر الوطنى هو تحالف القوى الوطنية برئاسة الرئيس السابق للمكتب التنفيذى فى المجلس الانتقالى الليبى ويضم التحالف قرابة 44 تنظيما سياسيا و236 منظمة من منظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى أكثر من 280 شخصية مستقلة.
ويخوض التحالف الانتخابات بقوائم موحدة يعقبها تقديم المرشحين فى مناصب وزارية فى الحكومة الجديدة وتقديم مقترح مشترك لنص الدستور المقبل .
ويهدف التحالف الى التركيز على الاحترام وحقوق الإنسان وإشراك المرأة بصورة فعالة فى المجالات المختلفة، وينادى بتطبيق معتدل للإسلام كما يدعو لإرساء دعائم دولة مدنية ديمقراطية.
ويدعو الى الولاء للوطن بعيدا عن الولاءات القبيلية والعرقية والجهوية والمذهبية والحزبية والقطيعة تماما مع نظام الاستبداد والفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية والعمل على استقلال القضاء .
ومن الناحية الاقتصادية، يؤكد التحالف على إرساء منظومة تنموية شاملة مستدامة ومتوازنة على أساس التوزيع الجغرافى والسكانى وفى إطار اللامركزية والحكم المحلى وتشجيع الاستثمار فى جميع المناطق الجغرافية .
جبهة إنقاذ ليبيا
أما ثالث هذه الكيانات فهى جبهة إنقاذ ليبيا التى تأسست عام 1981فى الخارج لإقامة البديل الديمقراطى وحاولت الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافى فى معارك عديدة أشهرها معركة باب العزيزية عام 1985.
وأطلقت مشروعا عرف بمشروع اجدابيا بقيادة السياسيين عزت المقريف وجاب الله مطر عام 1990وفى السنة ذاتها نسقت مع ضباط فى الجيش لإسقاط القذافى فيما عرفت بانتفاضة أكتوبر وأسست فى الفترة بين 1987 و 1990 بالجيش الوطنى الليبى على الأراضى التشادية .
وعقب الإطاحة بالعقيد الراحل أعلنت جبهة الإنقاذ من العاصمة طرابلس عن حزب الجبهة الوطنية وأكد أن هدفه الأساسى الفصل بين السلطات وتحقيق استقلال القضاء وأعلن التنظيم التزامه بما يقارب من 16 هدفا من بينها الالتزام بمبادئ الديمقراطية والحرية والتعددية الحزبية .
لكن يرى محللون سياسيون أنه بالرغم من التوقعات المستمرة بحصول هذه الكيانات على نسبة كبيرة من مقاعد المؤتمر الوطنى إلا أن الكلمة الأولى تعود إلى القبائل التى ساهم العقيد الراحل فى فرض سيطرتها على البلاد ما يقارب من نصف قرن وأعطاها حق انتخاب اللجان الشعبية فيما عرف بنظام الكوسلة .