رغم الجهود المضنية التيتبذلها ألمانيا والمفوضية الأوروبية لإنقاذ اقتصاديات عدد كبير من الدول الأعضاء بمنطقة اليورو تصاعدت المخاوف بشأن احتمال انهيار الاستقرار النقدي بتلك المنطقة من جراء تصاعد أزمة الديون السيادية والركود والاحتجاجات الشعبية الرافضة للضغوط الألمانية الرامية إلى فرض إجراءات التقشف على دول منطقة اليورو.
وعزز تصاعد الخلافات بين ألمانيا أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من جهة وعدد من دول منطقة اليورو كإيطاليا وفرنسا واليونان وأسبانيا والبرتغال وقبرص بشان سبل مواجهة أزمة الديون السيادية التكهنات بشأن إخفاق دول منطقة اليورو في تبني إجراءات فعالة لمواجهة أزمة الديون ودعم النمو الاقتصادي وسط تحذيرات بشان انزلاق منطقة اليورو إلى هوة الركود لفترة طويلة.
ويرى محللون اقتصاديون دوليون أن أزمة الديون السيادية تشكل خطرا داهما ينذر بانهيار منطقة اليورو التي تضم 17 دولة رغم استفادة ألمانيا من تلك الأزمة في تقليص العائد على أذون خزانتها.
وأوضحوا أن مصير اليورو بات رهنا بالمواقف التي ستتخذها الحكومة الألمانية تجاه اقتصاديات الدول التي تعاني من تفاقم الديون السيادية والركود، حيث تصر ألمانيا التي يعتمد نموها الاقتصادي على الصادرات الصناعية – على ضرورة التزام كافة دول منطقة اليورو بإجراءات التقشف لكبح الديون السيادية رغم تأثيرها على النمو الاقتصادي والتوظيف بينما تؤيد دول أخرى ضرورة تخصيص المزيد من الموارد المالية من صندوق الإنقاذ الاوروبى لمواجهة أزمة الديون ودعم النمو الاقتصادي.
وفى السياق ذاته تواجه ألمانيا أوضاعا اقتصادية صعبة حيث انخفضت صادراتها إلى دول الاتحاد الأوروبى بشكل ملحوظ العام الحالي نتيجة حالة الركود التي تعاني منها أسواق تلك الدول وتراجع معدلات الإنفاق الاستهلاكي .
وسوف تواجه ألمانيا خيارا صعبا بشأن مستقبل اليورو العام الحالي في ضوء انزلاق اقتصاد فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى الركود وتفاقم أزمة الديون السيادية باليونان وإيطاليا وأسبانيا وبلجيكا وايرلندا وقبرص وتأثر وضع برلين المميز باعتبارها أفضل وجهة أوروبية للاستثمار في السندات.
وفى السياق ذاته اقترحت مؤسسات اقتصادية أوروبية عدة سيناريوهات للأزمات المالية الأوروبية على المدى القصير تتمثل فيما يلي:
السيناريو الأول: امتداد الأزمة الاقتصادية الطاحنة إلى جميع إنحاء أوروبا كما حدث في نهاية العشرينيات من القرن الماضي وهو ما سيؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات وموجات عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي .
السيناريو الثاني : نجاح ألمانيا في فرض إرادتها على دول الاتحاد الأوروبي / 27 دولة / عن طريق مطالبتهم بمبادلة أصول إستراتيجية وضخمة ( صناعية وتجارية وعقارية ) بضمانات للديون .
وسوف يؤدي ذلك السيناريو إلى انهيار الاتحاد الأوروبى وخلق حالة من الخوف من ألمانيا في نفوس الشعوب الأوروبية الأخرى واستعادتها لذكريات الحقبة الاستعمارية الألمانية والتي تسببت في الحرب العالمية الثانية.
السيناريو الثالث : قيام البنك المركزي الأوروبي بتوجيه من ألمانيا بطبع كميات كبيرة من اليورو لشراء الديون المتراكمة بدول منطقة اليورو.
وسيؤدى ذلك السيناريو إلى خفض حاد في قيمة اليورو عالميا وارتفاع أسعار الواردات السلعية والطاقة وتقويض الاحتياطيات المالية الألمانية والاستقرار النقدي بمنطقة اليورو.