شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

السيسي ومحاربة الفساد.. كروت سياسية لتلميع النظام أم تصفية حسابات؟

السيسي ومحاربة الفساد.. كروت سياسية لتلميع النظام أم تصفية حسابات؟
مع ضبط بعض حالات الفساد سواء في الجهاز الإداري للدولة أو غيره، تعالت أصوات ووجهات نظر تكرس لفكرة محاربة عبدالفتاح السيسي للفساد بمصر، وأن ماكينات الحكم في مصر قد دارت على الفساد والفاسدين، وأنه لا مجال لنجاة أحد تمتد يده على

مع ضبط بعض حالات الفساد سواء في الجهاز الإداري للدولة أو غيره، تعالت أصوات ووجهات نظر تكرس لفكرة محاربة عبدالفتاح السيسي للفساد بمصر، وأن ماكينات الحكم في مصر قد دارت على الفساد والفاسدين، وأنه لا مجال لنجاة أحد تمتد يده على المال العام. 

فهل يحارب السيسي الفساد بالفعل؟ وهل سقوط بعض الأشخاص الذين ساندوا السيسي في انقلابه متورطين في قضايا فساد يعفيه من المسئولية عن هذه القضايا؟ وهل ينوي السيسي تطهير مصر من الفساد رغم تصريحه الشهير “المحليات مليانة فساد وانا أعمل أيه؟”

نماذج للسقوط

قضية “الصحة”
في 3 مايو الماضي، أعلنت سلطات الانقلاب، إلقاء القبض على الدكتور “أحمد عزيز” مستشار وزير الصحة لشؤون أمانة المراكز الطبية المتخصصة، متلبسًا بتقاضي رشوة مالية قدرها 4.5 مليون جنيه، إضافة الي 6 شيكات حصل عليها كرشوة مالية من إحدى شركات الأجهزة والمستلزمات الطبية فى قضية توريد أجهزة لوحدة النخاع الشوكي بمعهد ناصر، وتمت إحالته للتحقيق. 
ويعد الدكتور “أحمد عزيز” هو مستشار الوزير أستاذ أمراض كلى بجامعة عين شمس، وأحد المقربين من الدكتور “أحمد عماد الدين” وزير الصحة، وكان يشغل منصب مستشار عميد كلية الطب بجامعة عين شمس للعيادات الخارجية خلال فترة عمادة الوزير للكلية، وفور تولي الوزير منصبه كلفه بأمانة المراكز الطبية، وخصص له مكتبا بالوزارة.

وزير الزراعة السابق
فى أبريل الماضي، قررت محكمة جنايات القاهرة، معاقبة وزير الزراعة السابق “صلاح الدين هلال”، بالسجن عشر سنوات ومدير مكتبه “محيى الدين سعيد”، كما قررت المحكمة تغريم “هلال” مبلغ مليون جنيها، كما غرمت مدير مكتبه مبلغ نصف مليون دولار، في حين أعفت المحكمة ذاتها رجل الأعمال “أيمن رفعت”، والوسيط في الرشوة رجل الأعمال “محمد فودة” من التهم المنسوبة إليهما. 
وقد تم إلقاء القبض علي الوزير السابق في 7 سبتمبر 2015م، وذلك بعد قبول استقالته، بعد أن أعلن في 6 سبتمبر 2015م، أنه سيقوم بالكشف عن قضية فساد كبرى.
قاضي الحشيش
كان القاضي المصري “طارق محمد زكي”، مطمئنًا أن أجهزة الأمن لن تقوم بتفتيش سيارته المحملة بالمخدرات التي جلبها من سيناء لتهريبها والاتجار فيها بسبب حصانته القضائية، فهو رئيس محكمة وسيارته ملصق عليها ما يفيد أنه يعمل بهيئة قضائية، لكن كلبًا بوليسيًا كان له رأي آخر.
وفي يوم 10 نوفمبر الماضي، وفور وصول سيارة القاضي لمعبر المرور بنفق الشهيد “أحمد حمدي” ، فوجئ رجال الأمن بالكلب البوليسي يهرول مسرعًا نحو سيارة القاضي رافضًا مغادرتها، مما أدى إلى شك ضباط الأمن في الأمر، فأبلغهم القاضي بصفته الوظيفية، وكادوا يسمحون له بالمرور لولا أن الكلب ظل يصيح وينبح نحو السيارة، وهنا طلب رجال الأمن تفتيشها، فكانت المفاجأة عندما عثروا بداخلها على 69 كم من المخدرات، من بينها حشيش وعقاقير مهدئة.
محضر الضبط الذي حررته أجهزة الأمن يقول: إن “ضباط منفذ الشهيد “أحمد حمدي” تمكنوا من ضبط سيارة رقم 134134 ملاكي الشرقية ماركة “هيونداي” قيادة المستشار “طارق محمد زكي” 37 عامًا، ويعمل عضو يمين بمحكمة ديرب نجم بمحافظة الشرقية، ومقيم في 4 شارع محمد أبو هاشم قسم ثان الشرقية، وبصحبته كل من “إسلام. م”، 25 عامًا، مقيم في كفر المحمودية مركز ههيا الشرقية، و”بوستينا.م.ع” 20 عامًا تقيم في الشرقية وتحمل جواز سفر بولنديًا تحمل نحو 69 كم من المخدرات”.
كما عثر على طبنجة صوت ماركة ريتى بارون و14 قرصًا من العقاقير المخدرة “ترامادول” و”تامول” وعدد 1 طلقة لسلاح آلي عيار 39 وعدد 1 أمبول صغير الحجم به دهان جنسي منشط.

مسئول التوريدات بمجلس الدولة
وفي 27 ديسمبر الجاري، تمكنت هيئه الرقابه الأداريه، من إلقاء القبض علي “أحمد جمال الدين محمد إبراهيم اللبان” مسئول التوريدات بمجلس الدولة، وذلك عقب تقاضيه رشوه  بقيمة ١٥٠ مليون جنيه، وبتفتيش منزله تم العثور علي ملايين الجنيهات والدولارات والعملات الآخرى، تم العثور عليها بمسكن  “اللبان”.
وقالت الهيئة فى بيان  لها صادر عن الضبطية، أنه عثر بمنزله على مبلغ 24 مليون جنيه، بالإضافة إلى 4 ملايين دولار أمريكي، و2 مليون يورو، ومليون ريال سعودي، وكمية كبيرة من المشغولات الذهبية بخلاف العقارات والسيارات التي يملكها.
وفى سياق متصل كشف، المحامي الحقوقي طارق العوضي، عن مفاجأة في قضية الرشوة التي ضبط فيها مدير مشتريات “مجلس الدولة”.
وكتب “العوضي” تدوينة نشرها عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” قال فيها: “بالقانون يستطيع أن ينجو من السجن.. القانون يجيز له التصالح”.
وأضاف “العوضي” مؤكدًا أن: “قانون التصالح في قضايا المال العام”، واختتم  تدوينته بقوله “افرح يا لبان”.
الفاسد لا يحارب الفساد 
يقول بهاء الدين إبراهيم إعلامي وناسط سياسي، هناك مؤشرات عديدة على أن المسألة ليست محاربة للفساد بقدر ما هي كروت سياسية يلعب بها النظام في وقتها، فشعبية السيسي في تراجع وفشل نظامه أصبح ظاهرًا للجميع، ولا سبيل لتلميعه وإعادته للسوق السياسية – على حد قوله- سوى إخراج كارت ” محاربة الفساد”، من خلال إلقاء القبض على بعض المتورطين في حالات فساد بعينها ويستطرد: هؤلاء الفاسدون قد انتهى دورهم لدى النظام، أو قد يكون النظام مضطرًا للتضحية بهم للاستمرار واستبدالهم بآخرين فيما بعد”.
ويؤكد لو أراد النظام محاربة الفساد بالفعل لما أصدر النائب العام قرارات بحظر النشر في قضايا الفساد، وآخرها قضية مدير المشتريات بمجلس الدولة.
من جانبه يرى وحيد . ن . ش ( مدير إدارة بنيابة محافظة الجيزة)، في تصريحات خاصة لـ ” رصد” محاربة الفساد لا تكون من خلال إعلان القبض على أحد الأشخاص بتهمة الرشوة أو غيره، فهذه مجهودات خاصة بالنيابة الإدارية التي يتحرك بعض الموظفين بها دون وصاية من أحد، ويؤكد مازالت النيابة الإدارية بها العديد من الشرفاء الذين يقومون بواجبهم، رغم ما يتلقونه من تهديدات من أشخاص ذوي نفوذ في جهات سلطوية داخل الدولة.
ويستطرد: “نحن في النيابة نعرف جيدًا حجم الفساد، ولذلك نعرف أن طريقة محاربته لن تكون إلا من خلال خطة واضحة أمام الجميع من قبل النظام وليس اصطياد شخص أو اثنين للترويج للنظام وتقديمه على أنه محارب للفساد.
قضية الزراعة وعدم الجدية
ويرى خبراء أنه من علامات الجدية في محاربة الفساد أن يتم تناول القضية من جذورها وهو ما إن حدث سيطيح برؤوس شخصيات من كبار النظام، وأكد أحدهم أن قضية وزير الزراعة السابق هاني هلال تعد نموذجا لعدم الجدية في محاربة الفساد، فقد تم اتهام الوزير بالرشوة ومعه بعض الموظفين بوزارة الزراعة، وتم اجباره على الاستقالة والقبض عليه، لكن هل تم محاسبة قياداته العليا التي من المفترض أن تصل إلى رئيس الوزراء ورئيس الدولة؟

صراع أجنحة
ويرى مدير سابق للإدارة الجنائية بإحدى النيابات، أن ما يحدث لا يعدو كونه صراع بين بعض الأجنحة داخل السلطة، ويؤكد هناك العديد من وقائع الفساد داخل المؤسسة العسكرية وصناعاتها خاصة إدارة الإنتاج الحربي لم يفتحها النظام ولن يفتحها، ويؤكد أن هذا دليل على أن الحالات التي يتم الإعلان عنها تخص جهات وأجنحة بينها وبين جهات سلطوية أخرى صراعات وخلافات سياسية.
وعطفًا على ذلك، قال الكاتب الصحفي سليم عزوز في تصريح تلفزيوني له: إن “قضايا الفساد في مصر منذ عهد مبارك توظف من طرف في السلطة ضد طرف آخر في السلطة نفسها، وهي عبارة عن تصفية حسابات، ويقدم المتهمون فيها ككبش فداء أمام الرأي العام”، مشيرًا إلى أن “نظام السيسي هو الذي سن قانون المصالحة مع رموز الفاسدين في عهد مبارك”.

يُذكر أن عام 2016  قد شهد الكثير من حالات الفساد في هيئات متنوعة كان على رأسها “وزارة التموين”، إذ تم الإعلان عن وجود نحو 400 حالة فساد في الوزارة خلال العام، حسبما أكدت بعض منظمات المجتمع المدني من واقع الحالات التي حققت فيها الأجهزة الرقابية.
وشملت عهد الوزير السابق خالد حنفي، والوزير الحالي اللواء علي مصيلحي، ومن بينها ما كشفت عنه الأجهزة الرقابية والأمنية من تورط 38 مسؤولاً في التلاعب في توريدات الأقماح وفساد الصوامع، والتي قدرت بقرابة 5.4 مليار جنيه.
وكان شهرا فبراير وأكتوبر من العام المنصرم الأعلى في حالات الفساد، حيث تم رصد أكثر من 250 حالة في هذين الشهرين فقط، وعن الموقف القضائي من قضايا الفساد في هذا العام ، فقد جاءت الوقائع “قيد التحقيق” في المرتبة الأولى ضمن وقائع الفساد خلال 2016، بنسبة 76% من إجمالي 1100 واقعة، تليها الوقائع “قيد المحاكمة” بنسبة 14%، ثم تأتي الوقائع التي “لم يحقق فيها” بنسبة 9%، وأخيرا تأتي الوقائع التي “تم الحكم” فيها في المرتبة الأخيرة بنسبة 1% من إجمالي الحالات.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023