اعتبرت مديرة برنامج التحالف الدولي لصحة المرأة «شينا كافالو» أن القانون الذي أصدره عبدالفتاح السيسي في أواخر مايو بفرض قيودٍ صارمة على المنظمات غير الحكومية زيادةٌ في وتيرة الحملة ضد حقوق الإنسان والمجتمع المدني؛ ويعني نهاية دور هذه المنظمات، بما في ذلك تلك التي تعزز حقوق النساء والفتيات.
وأضافت «شينا» في مقالها بموقع «أوبن ديموكراسي» أن القانون يضع تمويل المجتمع المدني وأنشطته تحت سلطة الكيان الحكومي الجديد المسمى «السلطة الوطنية لتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية الأجنبية»، قائلة إن التسمية خاطئة؛ بسبب خضوع المنظمات المحلية التي تتلقى تمويلات أجنبية إلى هذا القانون.
يحظر القانون الجديد دخول المنظمات في أيّ عمل تراه الحكومة مضرًا للأمن القومي والنظام والأخلاق والصحة العامة.
ترى «شينا» أن هذا القانون يأتي في أعقاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بعد حبس ما يقرب من 60 ألف سجين سياسي وفق إحصائيات، وغلق منظمات حقوقية، ومواجهة نشطاء وصحفيين تهمًا؛ فعلى سبيل المثال واجهت الناشطة الحقوقية «عزة سليمان» تهمًا مزوّرة ومُنعت من السفر وجُمّدت أموالها، وفي حالة إدانتها ستسجن 15 سنة.
وفي انتهاك صريح للدستور المصري وقانون حقوق الإنسان الدولي، لم تُبلغ بخضوعها إلى تحقيق؛ ولكن اكتشفت ذلك عندما حاولت السفر في نوفمبر الماضي ومُنعت.
وقالت «شينا» إن ناشطًا مصريًا بارزًا وصف القانون الجديد بـ«نهاية عمل منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية»، مضيفًا أن البيروقراطية المصرية مرهقة؛ فحتى إذا استطاعت المنظمات تحقيق كل المطلوب منها من أموال وأوراق فإن الموافقة قد تأخذ أسابيع وشهورًا، وربما سنوات.
في السنوات الماضية، امتلكت المنظمات غير الحقوقية دورًا هامًا عن طريق قيادة حملات لمكافحة العنف ضد المرأة، ودعم الأسر للحديث مع أبنائهم عن الاعتداءات الجنسية، بجانب تقديم الدعم والعلاج للمصابين بفيروس نقص المناعة، وتثقيف المجتمعات المحلية بالمخاطر الصحية وخطورة ختان الإناث.
قالت «شينا» إن النشطاء اعتبروا القانون الجديد يهدف إلى إسكات صوت منظمات حقوق الإنسان، وعبّروا عن قلقهم من تقويض القانون الجديد للمؤسسات الخيرية والمؤسسات الصحية والتعليمية غير الهادفة للربح؛ بسبب شجاعة النشطاء في إظهار حقيقة الوضع بمصر بعد أن حاولت الحكومة إخفاءه وتدّعي أن كل شيء يسير على ما يرام.
أضافت أن منظمة «نظرة للدراسات النسوية» ومديرتها التنفيذية «مزن حسن» تعرضتا إلى هجمات من الحكومة؛ من ضمنها وقفُ أموالٍ ومنعٌ من السفر بسبب جهود المنظمة في إظهار التحرش الذي تعرضت إليه النساء في تظاهرات ميدان التحرير. وعلى الرغم من انتشار التحرش الجنسي في الشوارع المصرية؛ فإن الحكومة ما زالت تؤكّد أن النساء في أمان.
اعتبرت «شينا» أن استهداف الناشطات، مثل عزة سليمان ومزن حسن، لا يعتبر مصادفة؛ خاصة مع سعيهن إلى مواجهة التحدّيات التي تواجه المجتمع ولا تستطيع الحكومة مواجهتها، أو لا ترغب في ذلك أغلب الأحيان.
يعمل مركز «المساعدة القانونية للمرأة المصرية» في مكافحة الممارسات التقليدية الضارة، مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وتقديم المساعدة القانونية والدعم للنساء في الدولة. وفي 2016 مرَّر البرلمان المصري قانونًا يجرّم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وجعل عقوبته من خمس سنوات إلى سبع، مع إضافة 15 عامًا في حالة العمليات التي تؤدي إلى الوفاة أو الإصابة المزمنة. ورغم الحظر؛ إلا أن عمليات الختان لا زالت منتشرة.
وقالت «شينا»: بينما حاولت حكومة السيسي تعزيز نفسها باعتبارها حكومة علمانية بديلة للإخوان المسلمين؛ إلا أن جهود إنهاء ختان الإناث والعنف الجنسي والزواج المبكر لا يمكن استكمالها بإعاقة المنظمات التي تحاول حلّ هذه الأزمات.
شددت «شينا» على أهمية المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان لإجراء تغييرات حقيقية، مضيفة أنه من المثير للسخرية أن السلطات المحلية حاولت التواصل مع مركز المساعدة القانونية لمحاولة منع زواج فتاة في التاسعة من عمرها بعد فشل السلطات في ذلك.
أوضحت «شينا» أنه من المؤكد عجز الحكومة على ملء الفراغ الذي ستخلقه بمهاجمتها المنظمات الحقوقية، وتابعت: «أفعالُ الحكومة المصرية المتهورة والقمعية تهدد مستقبل الدولة؛ عن طريق ترهيب النشطاء والعاملين في المجال العام. أخبرني شاب أنه يدمن العمل العام ولا يستطيع تركه، ولكنه لا يريد الذهاب إلى السجن؛ وبوجود هذا القانون فهذه الاحتمالية واردة للغاية».