وجّهت إدارة «ترامب» رسالتين متناقضتين بشأن سياستها نحو قطر؛ ما أعطى وجهات نظر مختلفة لترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إنه بينما يعمل تيلرسون في الكواليس للتوسط بين حلفاء أميركا المتخاصمين في الخليج، يقول مسؤولون ومراقبون إن موقف الرئيس الأكثر عدوانية يمكن أن يعوق قدرة مساعده على النجاح.
بدأت هذه الاضطرابات عندما حاصرت أربع دول خليجية قطر، حليفة الولايات المتحدة، في الخامس من يونيو. وأوضح مسؤولون في الإدارة أن تيلرسون يحاول الآن تنظيم قمة في واشنطن هذا الأسبوع بين وزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر. والتقى تيلرسون مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بوزارة الخارجية، وسيمثّل دولة الإمارات العربية المتحدة ولي العهد الأمير محمد بن زايد، وسيمثل قطر وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
داخل الإدارة، لم تُحلّ مشكلة الرسائل المتعارضة بين «ترامب» و«تيلرسون» بعد؛ حيث أصدر تيلرسون بيانًا دعا فيه إلى الحوار لإنهاء النزاع، إلا أن ترامب قدّم تصريحات بعد ساعتين، مطالبًا قطر بإنهاء «تمويلها للإرهاب».
وقال مسؤولون في الإدارة إن الخطابات يمكن أن تُفسَّر على أنها مُتّسَقة؛ حيث يرغب تيلرسون وترامب بشكل واسع في حلّ الأزمة ويريدان من قطر بذل مزيد من الجهود؛ إلا أن مسؤولين قالوا إن بيان ترامب أضيف في اللحظة الأخيرة ولم يمر بين الوكالات ولم يكن لدى وزارة الخارجية إشعار مسبق بأن ترامب سيأخذ لهجة أكثر صرامة.
وكان نهج تيلرسون محاولة لإظهار البيت الأبيض بأنه يمكنه أن يحرز تقدمًا، قبل اتخاذ خطوات أكثر قسرية. هناك شعور داخل الإدارة بأن البيت الأبيض ليست لديه حقًا خطة لقطر؛ وبالتالي فإن وزارة الخارجية لديها مساحة للنهوض باستراتيجيتها الخاصة.
الفجوة بين ترامب وتيلرسون مقلقة لكثيرين؛ لأنها تلفت إلى أن المسؤولين الأجانب لا يستطيعون بالضرورة الاعتماد على ما يقوله دبلوماسي أميركي كبير بشأن السياسة الأميركية.
وقال «جون ألترمان»، أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «إذا لم يتمكّن وزير الخارجية من التحدّث للرئيس فعليه ألا يتحدث». وأضاف: «إنهما بحاجة إلى الاتفاق على رسالة واستراتيجية وليس الحديث كما لو كانا منفصلين».
لهجة ترامب المختلفة أيضًا بخصوص قطر تقوّض جهود تيلرسون؛ لأن ترامب اتّخذ جانبًا واضحًا في النزاع، كما قال لي دبلوماسي أميركي سابق عمل في المنطقة: في الوقت الذي يبدأ فيه «تيلرسون» المفاوضات يمكن للسعوديين أن يصدقوا أن لديهم غطاء كبيرًا من البيت الأبيض. وقال إنهم «يرون رئيس الولايات المتحدة يمنحهم دعمًا؛ ومن المؤكد أن موقف تيلرسون التفاوضي أضعف».
يعكس اختلاف ترامب وتيلرسون انقسامًا مماثلًا في واشنطن. ويُمثّل تيلرسون، الذي يتمتع بعقود من الخبرة مع قطر، نسبة كبرى من مؤسسة السياسة الخارجية ومجتمع الأمن القومي، اللذين يعتقدان أن قطر كانت حليفًا موثوقًا، وإن كان معقّدًا؛ ولكنها كانت تدعم الهجمات العسكرية الأميركية. إن عزل دولة قطر يتناقض مع هدف الحصول على دعم قيادتها لمعالجة المخاوف الأميركية.
وأكد وزير الدفاع الأميركي «جيم ماتيس» الاثنين أن قطر تتحرك في الاتجاه الصحيح في ما يتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب. ودافعت السفيرة الأميركية لدى قطر «دانا شل سميث» مرارًا عن جهود قطر منذ اندلاع الأزمة، وأعلنت استقالتها على تويتر يوم الثلاثاء.
على النقيض، هدّد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب «إد رويس» أنه إذا لم تتحسن قطر قد ينظر المُشرّعون في نقل الهجمات العسكرية الأميركية من قاعدة العديد في قطر؛ حيث يُنسّق حاليًا لحرب التحالف ضد الدولة الإسلامية.
لدى تيلرسون وقت لإظهار أن الأزمة بين قطر وجيرانها الخليجيين يمكن حلّها دبلوماسيًا والدفاع عن أصدقائه منذ فترة طويلة من منتقديهم في واشنطن وداخل البيت الأبيض. ولكن، إذا فشل فيمكن أن تتدهور الأمور في الخليج بطريقة سريعة جدًا.