منذ أشهر، ادّعى مسؤولون أميركيون أنه لا يوجد سبب للقلق من وجود الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض؛ لأنه سيُراقب ويُحاسب. لكنّ هذا الأمر لا ينطبق على السياسة الخارجية الأميركية، التي يحظى منها الرئيس على قوة كبرى لاتّخاذ القرارات.
وترى صحيفة «سالون» الأميركية أن هذا الأمر يُشكّل أزمة خاصة بوجود رئيس لديه ثقة غير محدودة في نفسه؛ ولذا لا يستمع إلى مشورة أيّ شخص، بجانب افتقاره مبادئ السياسة الخارجية. ظهر هذا في محاولته نسب الفضل إلى نفسه في قطع السعودية علاقتها مع قطر، وهذا لا ينم عن جهله فقط؛ بل ويتسم بالخطورة.
تضيف الصحيفة في تقريرها أن الرئيس الأميركي لا يعلم الأمر الذي أدخل نفسه فيه. ظهر هذا عبر تدوينة ضد قطر على حسابه الشخصي بتويتر. يبدو أنه كان لا يعلم أن الدوحة تستضيف كبرى قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط وتستخدم في أنشطة بالمنطقة، الأسوأ من ذلك إيهامه لنفسه أنه يساعد السعودية والإمارات في حربهما على الإرهاب بينما ما يفعله مساعدة لهما في إشعال الحرب بالمنطقة.
وتساءلت الصحيفة: «من يمكن أن يوقف ترامب؟ يبدو أنه لا يوجد أيّ شخص أو جهة قادرة على إيقافه، كل ما يمكن أن نفعله هو الدعاء والصلاة من أجل ألا يحدث الأسوأ».
وتلفت الصحيفة إلى أن الرئيس الذي يصدّق ادعاءات آخر طرف تحدث معه، يمكن لأي دولة، خاصة السعودية، أن تتلاعب به بسهولة وتقنعه أن هذا الأمر يتعلق بتمويل الإرهاب وأن القرار المناهض لقطر جاء لتصحيح المسار؛ لذا فإن هذا الأمر سبّب قلقًا كبيرًا للمتابعين للأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط.
يعلم ترامب تمامًا أن الرئاسة الإمبريالية في الولايات المتحدة لها الكلمة العليا. يأتي هذا بسبب أنه في الوقت الذي يرغب فيه أعضاء الكونجرس أن يظهروا بمظهر قوي في الأزمات الخارجية، ومع ذلك يفضّلون ألا يتحمّلوا أيّ مسؤولية عن الإجراءات التي تُتخذ في هذه الأزمات؛ لذا فإنهم يتركون معظم القرارات في هذا الشأن في أيدي الرؤساء.
الموافقة على الحروب
على عكس الرئيس الأميركي جورج بوش، فإن دونالد ترامب لا يبدأ حروبًا في الشرق الأوسط ولا يرسل الجنود الأميركيين؛ لكنه يساهم في بداية حرب عبر تبنيه نهج التوقف الفعلي والاكتفاء بالتصريحات التي تبرر للسعوديين الضوء الأخضر لحربهم.
لم يذكر ترامب ضلوع السعوديين في تمويل الإرهاب عبر العالم، بجانب جهله بفشل السعودية في الحروب؛ وهو ما اتضح في حربها على اليمن.
على الرغم من المعدات المتقدمة والقنابل والدعم الأميركي، فشلت الرياض في أن تكون لها الكلمة العليا أمام جيش من المتمردين في دولة على وشك الدخول في كارثة إنسانية بسبب المجاعة. لا يقلق ترامب من ذلك؛ حيث إنه مستعد لتزويدهم بمزيد من القنابل والمعدات.
رغبة الانتقام
تضيف الصحيفة أن السعوديين كانوا غاضبين بسبب حرب بوش في العراق من دون استعانته بدعمهم، ومنذ ذلك الوقت رغبوا في التعويض من الحكومة الأميركية؛ ويبدو أن الأزمة مع قطر خطوة أولى لإرضاء الرياض.
في واحد من أكبر الأخطاء في التاريخ الحديث، سلّم الرئيس الأميركي جورج بوش العراق إلى النظام الإيراني، وهو النظام الذي يعتبر أميركا عدوًا له، وتراها أميركا بالطريقة نفسها؛ ويبدو أن ترامب يحاول تعويض خطأ بوش بإرضاء السعوديين.