وزعت النياشين إحتفاءً بالنصر الزائف على رجاله وبدأ التكريم حتى عين أشقاهم نائبًا للرئيس إستعدادًا لأن يكون الرئيس الذي سنثور عليه ونخلعه بعد ثلاثين عامًا. و إستنادًا إلى هذا الصنم بدأت العسكرية تتحول إلى كهنوت مقدس لدى المصريين لا يجوز لأحد أن ينتقده أو يسأل رجاله عما يفعلون.
وإستنادًا إلى هذا التقديس بدأ السدنة يبنون إمبراطورية فساد كبيرة بعيدًا عن أعين العبيد داخل أخطر مؤسسة في البلاد … المؤسسة العسكرية. فساد إداري, فساد مالي, فساد أخلاقي, بعد عن الدين, المحسوبية هي القانون الأساسي في كل حركة الأفراد داخل القوات المسلحة. ضعف التدريب إلى حد كبير … دعك من الإستعراضات والمناورات الموسمية نحن نتحدث هنا عن الخط الأساسي الذي يصفه أغلب من خدم في الجيش.
الماكينة الإقتصادية التي تفرغ " المنتصرون " لبنائها بعيدًا عن أي نوع من أنواع الرقابة ويعمل المجندون فيها مجانًا في شكل من أشكال " السخرة "و لا يعلم أحد أين تذهب مخرجاتها في ظل حالة السلم التي ننعم بها منذ 30 عامًا. تربية أفراد القوات المسلحة على الولاء لمبارك حين يكتبون بأجسامهم في كل حفل تخرج مصر مبارك ويرى الجنود صورة المخلوع تملأ أحد جوانب الطابور. كل أعراض الفساد هذه هي أحد أعراض التقديس الذي مارسه الشعب للعسكر ما أدى إلى غياب الرقابة الشعبية على أنشطة القوات المسلحة .
أخبرني أحدهم أن لافتة تعرف القادة في مدرسة الصاعقة في الشرقية مازالت تعرف مبارك كالقائد الأعلى للقوات المسلحة !! هذا نتاج التربية غير الوطنية التي يترباها هؤلاء فتتحول قوات النخبة في الجيش المصري إلى حرس خاص للنظام ولاؤه له فقط . إستغلال المجندين في خدمة الرتب العالية وهو غير ما جندوا إجباريا من أجله, الطبقية في تقديم الخدمات وخصوصا الخدمات الطبية التي تعد أهمها محاربة مظاهر التدين – إجبار أفراد التمريض على عدم إرتداء الحجاب وعدم السماح للمنتقبات بدخول نوادي القوات المسلحة كلها أعراض لمرض القوات المسلحة بأمراض النظام السابق رغم أنها مؤسسة الأمن القومي ويجب أن تكون مهنية وشريفة ففسادها يهدد حياة الوطن وليس تقدمه فحسب.
و لأن العسكر الذين يقودون النظام كذلك؛ فقد أصبح الولاء لا الكفاءة هو المعيار الأساسي للترقية و التعيين داخل القوات المسلحة وهذا المرض خطير جدًا و يعرض الأمن القومي لخطر داهم. هذه الأمراض إنما أصيبت بها القوات المسلحة نتيجة لنشوة النصر " المزيف " التي أسكرتنا والترهل الذي أصابنا بعد الخروج تمامًا من معادلة الصراع وتوقيع إتفاقية السلام .
وأول العلاج أن يتكون رأيًا عامًا واعيًا بأهمية مراقبة القوات المسلحة وصيانتها من الفساد وأن هذا لا يعد إهانة لهذه المؤسسة الوطنية ورجالها فنحن نحفظ لهم أنهم أول من يضحي بحياته لحمايتنا ولكن هذا لن يدفعنا لتقديسهم فلا يسألون عما يفعلون لأن هذه القدسية هي الباب الواسع للفساد وغير مسموح لهم أن يصبحوا فاسدين.
ويجب على القيادة الجديدة للقوات المسلحة أن تعمل بجد لإصلاح القوات المسلحة على مستوى كفاءة الأفراد والنظم واللوائح والعقيدة العسكرية حتى تضمن الإستقرار للمؤسسة ولمصر وكفاءة المؤسسة في مهمتها وهي حماية الحدود والأمن القومي المصري .
لم يعد مقبولا أن يكون الإلتحاق بالقوات المسلحة بناءً على الفرز السياسي فمن كان صاحب هم وطني وملتزم دينيًا منع وإن كان كفءً لها فمن يحمي الوطن إذا لم يفعل الملتزمون وأصحاب الهم الوطني؟
لم يعد مقبولًا أن يكون تولي القيادة بناءً على الولاء للنظام مهما كانت هويته وإنما يكون بناءً على النزاهة والكفاءة. إن إصلاح القوات المسلحة وبناءها بناءً صحيحًا هو بداية الطريق لتحقيق إنتصار حقيقي على عدونا الرئيسي الصهيوني, نستطيع أن نفخر به ولن نكون ساعتها بحاجة لأي " إنتصارات زائفة "