شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«راغدة ضرغام»: أسباب تحول السياسة الأميركية في سوريا.. ونقطة الانفصال بينها وروسيا

مخلّفات من قصف سوريا - أرشيفية

سلّطت صحيفة «هاف بوست» الضوء على أبرز الخلافات الأميركية الروسية بخصوص الوضع في سوريا، موضحة في مقال للمحللة السياسية «راغدة ضرغام» أنّ تحول السياسة الأميركية تجاه الأحداث هناك بعد تولي ترامب الرئاسة سبّب مشاكل لموسكو، التي تسعى جليًا نحو إنهاء الصراع العسكري هناك لأسباب تتعلق بحملة بوتين الانتخابية.

وأكّدت المحللة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ روسيا تسعى بأي طريقة لإنهاء الصراع العسكري هناك؛ لكنّ التحوّل في السياسة الأميركية أجبرها على التورط أكثر. فمن جهة، ترغب موسكو في حماية مصالحها هناك ودعم حليفها بشار الأسد. ومن جهة أخرى، تستمر واشنطن في دعم جماعات المعارضة من أجل حماية مصالحها هناك أيضًا، وتتداخل دول مثل طهران وتركيا و«إسرائيل» في الصراع بين القوتين؛ ما زاد من تعقيد الأمور أكثر.

مصالح روسية

وتوضّح جميع المعطيات أنّ الحرب السورية لن تنتهي قريبًا، بالرغم من إعلان الرئيس الروسي السابق لأوانه أنّ المهمة أُنجزت، تمامًا مثلما فعل الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش أثناء حربه في العراق، التي أصبحت مستنقعًا لأعمال العنف طويل الأمد، بالرغم من إعلانه أنّ مهمته هناك أُنجزت.

وحذّر مسؤولون عسكريون أميركيون بوتين من التسرع في إعلان هزيمة «تنظيم الدولة»، موضحين أنّ الوجود الأميركي في سوريا مستمر على أيّ حال، ثم اتّسعت الخلافات بين الدولتين بسبب مساعيهم لاحتكار السياسة في سوريا؛ ما أدى إلى استبدال محادثات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة بمحادثات سوتشي التي ترعاها روسيا، ثم ازداد الانفصال بين الدولتين مرة أخرى بعد تراجع اهتمام الولايات المتحدة.

ومن ثمّ؛ سارع بوتين في إبرام اتفاق يتوافق مع اهتماماته ومصالحه في سوريا، واستمر في دعمه وتحالفه مع إيران والنظام السوري، ونسيان أنّ أوباما لم يعد في البيت الأبيض، وأن مستشاري ترامب في الغالب جنرالات يفهمون لغة المفاوضات، تركوه يتعامل مع حرب أعلن أنها انتهت.

وغير ذلك، شكّل هجوم أكثر من 13 طائرة من دون طيار على القواعد الجوية الروسية في سوريا في حميميم وطرطوس ضربة قاصمة للنصر الذي أعلن عنه بوتين هناك؛ ما يوضح أنّ روسيا وحلفاءها لا يزالان عرضة للخطر على أرض الواقع بسبب الهجمات.

كما أنّ حليفيها إيران وتركيا المشاركين في محادثاتها بدآ يختلفان بشأن مصير إدلب؛ فتركيا غاضبة من هجمات النظام السوري التي تدعمها إيران، وتشعر طهران بالقلق من الاحتجاجات الداخلية على أرضها والمعارضة لتدخلها في سوريا. وفي روسيا، اقتربت الانتخابات الرئاسية، وبوتين قلق من موقفه فيها؛ خاصة أنه كان ينوي الاعتماد على انتصاراته الخارجية لبيعها لناخبيه. وبدلًا من ذلك، وجد نفسه محاطًا باحتمالات انتقال عدوى الاحتجاجات الإيرانية إلى موسكو؛ بسبب تدخلاته الخارجية المكلفة.

الأزمة مستمرة

كما يواجه بوتين احتمالات باتهامه بالتسبب في المجازر وأحداث العنف التي ستستمر في سوريا، تمامًا كما حدث مع الرئيس الأميركي جورج بوش واتهامه بالتسبب في المستنقع الذي وقع فيه العراق الآن. ونتيجة لذلك؛ نجد أنّ بتوين جاد في رغبته في إنهاء الحرب السورية، لكنّ طهران ودمشق ما زالتا في انتظار النصر الذي أعلن عنه بوتين.

كل هذا يأتي وسط إصرار أميركي على الحفاظ على وجودها العسكري في سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، وإعادة الإعمار، وفي تشكيل السياسة الانتقالية في سوريا بعيدًا عن إملاءات روسيا، وكذلك في ظل قلق «إسرائيل» المتزايد بشأن الوجود الإيراني في سوريا؛ فكلّها عوامل توضح أنّ الأزمة السورية مستمرة، ولا توجد آمال بانتهائها قريبًا.

وسيتهم الكرملين واشنطن بأنها المحرك الرئيس لاستمرار النزاع في سوريا، بما في ذلك تمكين المعارضين السوريين، وإهانة روسيا بالطائرات دون طيار، تمامًا مثلما فعلت قبل أربعة عقود في أفغانستان؛ عبر توفير صواريخ ستينغر أرض جو، للمجاهدين الذين استخدموها في قصف طائرات الاتحاد السوفيتي.

وبينما نفت واشنطن تورّطها في الهجوم على القواعد الروسية في سوريا، لم تخفِ انزعاجها من رفض روسيا فرض حلول سياسية، واستمرار تصرفّها منتصرة يساعد أصدقاءها على الحصول على مناطق نفوذ، وسط تجاهل للمصالح الأميركية.

الوجود الإيراني

وتبرز نقطة خلاف أخرى بين الدولتين، وهي الوجود الإيراني ودوره في سوريا، في ظل الوجود الأميركي المكثّف هناك؛ إذ تخضع ثلث الأراضي السورية إلى السيطرة الأميركية، والكرملين يدرك هذه المعطيات، لكنّ ما دفعه للتحوّل في سياساته التحوّل في السياسة الأميركية بعد قرارها بدعم الجماعات المعارضة ماليًا؛ وهو القرار الذي اتخذته إدارة ترامب بعد قرار أوباما بإعطاء سوريا اليد العليا هناك.

وعلى الصعيد السياسي، تعتقد روسيا أنّ بإمكانها مساعدة بشار الأسد في الوجود بالسلطة حتى انتخابات 2021، واسترضاء إيران بشأنها؛ لكنّ موسكو وجدت نفسها فجأة محاطة بتحركات أميركية من المحتمل أن تحبط خططها، وهو ما عبّرت موسكو عن قلقها بشأنه، والواقع أن التسوية السياسية في سوريا بالنسبة لموسكو مفتاح الخروج العسكري الذي يحتاجه بوتين من أجل حملته الانتخابية، ولضمان وجود قواعد روسية دائمة هناك.

لكنّ الولايات المتحدة ليست وحدها من أحبطت تحركات روسيا في سوريا؛ فخطط إيران ومصالحها تتطلب أنشطة عسكرية مستمرة، خاصة في إدلب وحلب والغوطة الشرقية ودرعا؛ وبالتالي تسير أنشطة النظام السوري المدعومة من إيران في طريقها، وقد تتطلب وقتًا طويلًا لوقفها، فبينما تسارع روسيا نحو إنهاء الصراع، تستمر طهران ودمشق في أنشطتهما العسكرية.

وعلى مستوى تركيا، دعت أنقرة موسكو إلى وقف انتهاكات دمشق لاتفاقيات مناطق التصعيد بإدلب، التي انتهكتها بنشر قواتها فيها، وتتهم روسيا تركيا بدعم هيئة تحرير الشام؛ ما سبب توترًا بينهما. ومؤخرًا، عاد الرئيس التركي إلى تأكيد رغبة أنقرة في رحيل بشار؛ وبالتالي العلاقات بينها وبين روسيا وإيران ليست جيدة.

كما إنّ مواقف «إسرائيل» الأخيرة، الرسمية وغير الرسمية، مثيرة أيضًا للاهتمام؛ خاصة في ظل تقارير تتحدث عن استراتيجية إسرائيلية لما بعد الحرب السورية، والتطورات على الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان، وكذلك جهود إيران في تحويل سوريا لقاعدة عسكرية تابعة لها. ويأتي كل هذا في الوقت الذي يراقب فيه الجميع الأحداث المحلية في إيران وتداعياتها على المشروع الإيراني في سوريا، وآثاره على العلاقات بين موسكو وواشنطن.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023