شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

رسالة إلى بابا الأرثوذكس الجديد – شاهين فوزي

رسالة إلى بابا الأرثوذكس الجديد – شاهين فوزي
  هذا خطاب مفتوح الى نيافة بابا الاسكندريه بطريرك الكرازة المرقسية المنتظر اختياره عبر القرعه...

 

هذا خطاب مفتوح الى نيافة بابا الاسكندريه بطريرك الكرازة المرقسية المنتظر اختياره عبر القرعه الهيكليه يوم الأحد 4نوفمبر، بداية فان كل مصرى مسيحياً كان أم مسلماً يتمنى التوفيق لرأس الكنيسة الأرثوذكسية القبطية الذى يتزامن جلوسه على الكرسى البابوى مع مرحلة مجيدة يؤسس فيها شعب مصر الثائر لدولته المدنيه الديمقراطية الحديثة ، ومن هنا فان البابا الجديد يحمل على عاتقه عبء قيادة الاقباط فى ظل تحولات داخلية وخارجية عميقه تحتاج الى تلاحم حقيقى بين عنصرى الأمة المصرية و فى هذا المقام فان المصارحة ضرورية حتى يعود النسيج لوطنى الى تماسكه المتين الذى تميز به المصريون عبر14 قرناً منذ الفتح الاسلامى لمصر.

بداية فإن الفتنه الطائفيه التى تطفو على السطح من حين لآخر لها مسببات عديدة بعضها يُعزى الى تبنى بعض الدعاة لخطاب فقهى اسلامى مستمد من مراحل تاريخيه و من مجتمعات مسلمة لا وجود لأهل الكتاب فيها مما لا يماثل واقع المجتمع المصرى ، فينظر البعض للمسيحيين كأهل ذمة لا كمواطنين مما يترجم أحياناً لآراء وتصرفات مجافية لسماحة الاسلام وللقاعدة الأصولية الشرعية (لهم ما لنا وعليهم ما علينا).

على الجانب الآخر نلفت نظر القيادة الجديدة للكنيسة لبعض النقاط التى نأمل أن يتم علاجها لأنها تؤثر بالسلب على ترابط المجتمع المصرى ومنها:

1-ان المنهج الذى تم اتباعه منذ 40عاماً فى ادارة شئون الاقباط لا كمواطنين مصريين وانما كرعايا للكنيسه التى تدير شئونهم المختلفه ومنها السياسيه باعتبارهم كتلة صماء تم توجيهها بسهولة لدعم نظام مبارك وحزبه البائد، هذا منهج عزل الاقباط داخل جيتو الكنيسه وأدى لشعورهم بالغربة داخل المجتمع وعدم انخراطهم فى الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى وهذا لا يتلائم مع مجتمع مصرى جديد يشارك فيه الجميع بحريه مطلقة فى إدارة شئون الوطن ، فاذا اراد الأقباط أن يعبروا عن مطالبهم فلا ينبغى ان يعتصموا داخل الكنائس (السلطة الروحية) بل ليتظاهروا فى ميادين مصر متوجهين لمؤسسات الدولة التى تمثل السلطة الزمنية .. ( اعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله).

2-ان من واجب الكنيسة محاربة الأفكار العنصرية الممزقة للوحدة الوطنية التى يزرعها  البعض والتى تعتبر المسيحيين هم أهل مصر الأصليين بينما المسلمين هم عرب محتلين لمصر ونذكر هنا تصريح الأنبا بيشوى (سبتمبر2010) ووصفه للمسلمين الذين يمثلون الغالبية العظمى من الشعب المصري بأنهم ضيوفٌ على المسيحيين في مصر، والأخطر أن يظهر بعض الشباب المتطرف على مواقع انترنت مسيحية شهيرة مشبهاً مصر بالاندلس متحدثاً عن المسلمين كغزاة مستعمرين يجب أن يغادروا مصر كما رحل المسلمين العرب عن اسبانيا!!! فالكنيسه مطالبة بمحاربة تلك الأفكار الخبيثة التى تشق الصف الوطنى وأن تزرع روح المحبة المسيحية الشهيرة تجاه شركاء الوطن بدلاً من أفكار الاقصاء والشيطنه التى تهدم ولا تبنى وتُفرٌق ولا تُجمٌع.

3-ان مسألة اضطهاد الأقباط كان لها مظاهر لا يمكن انكارها لكن الحقيقة أن معظم الشعب المصرى كان مضطهداً فى ظل النظام البائد الذى حرم معارضيه من حقوقهم السياسية والوظيفيه بصورة تفوق كثيراً ما تعرض له بعض المسيحيين ، لذا فان قضية الحرية و المساواة والعدالة الاجتماعية لكل المصريين هى الأجدر باهتمام الكنيسة وعندما تتحقق فانها ستكفل للجميع كرامتهم وحقوقهم داخل الوطن مسلمين كانوا أم مسيحيين.

4-ان الكنيسة مطالبة بالسيطرة على سلوك ابنائها فى المهجر وتحديداً القلة التى تتحرك فى اوروبا وأمريكا متحدثة عن اضطهاد منهجى عنصرى تمارسه الحكومة المصرية والمسلمين ضد المسيحيين ، بخلاف الاوهام التى يروجوها عن اختطاف الفتيات المسيحيات لاجبارهن على اعتناق الاسلام وغيرها من الأكاذيب ، كما يجب على الكنيسة التبرؤ علناً من شخصيات صهيونية الاتجاه تدعو لدولة قبطية ( موريس صادق – عصمت زقلمة) ومن بعض الكهنة الذين يتطاولون على الاسلام و يسبون الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليل نهار عبر فضائياتهم الطائفية البغيضة ( زكريا بطرس لم يتم شلحه وعزله رغم سبه العلني للاسلام) ، كما يذكر هنا مسرحية (كنت أعمى والآن أبصر) التى تطاولت على مقدسات المسلمين وتسربت من أحد كنائس الاسكندرية فى 2005 ، أما ما يثير العجب فهو الشكوى الزاعقة من هجوم بعض خطباء المساجد على العقيدة المسيحيه بينما تسكت رموز الكنيسة عن هذه الممارسات الممنهجة التى تؤجج الفتنة الطائفية!!! حقاً( لمـــاذا تنظــر القـذى الذي في عـين أخـيك وأما الخشبـة التي في عينـك فـلا تفطـن لهـا؟)(لوقا 6:41)

5- إن قيادة  الكنيسة عليها أن تنهى التحالف النكد مع الفلول و التيار العلمانى المتطرف لتخرج من مستنقع الاستقطاب السياسى ضد الاسلاميين الذى نزلت اليه منذ السبعينيات وتحالفت فيه مع نظام فاسد وأجهزة أمن مجرمه طالما استخدمت ورقة الدفاع عن الاقباط لترويع واضطهاد التيار الاسلامى السياسى، وما تجربة الدعم القبطى لشفيق ببعيدة وفيها خسرت الكنيسة الكثير من التعاطف المجتمعى لدعمها لرمز النظام البائد ضد مرشح الثورة المصرية ، كما أن ترسيخ ثقافة الاخوانوفوبيا لدى الاقباط تجاه الرئيس والاسلاميين لن يفيد الوطن ، فالمنتظر من الكنيسة أن تفتح أبواب الحوار مع التيار الاسلامى المعتدل وتزرع ثقافة قبول الآخر لدى ابنائها بعيداً عن التحالف السياسى مع الفلول ضد تيار الأغلبية فى الشارع المصرى.

ان الاسلام هو الهوية الحضارية للمنطقة العربية وفى قلبها مصر بمسلميها ومسيحييها و تاريخ الكنيسة المصرية كان على الدوام وحتى تنيح البابا كيرلس السادس مثالاً للوطنية والتوحد ضد مشاريع الغزو الغربى للمنطقة ومحاولات الاستعمار للتفريق بين عنصرى الأمة ، والمأمول من البابا الجديد أن يرسخ فى صدور أبناءه مفاهيم الانفتاح على المجتمع والتفاهم والتعايش مع شركاء الوطن من المسلمين ، ليستحضر الجميع العبارة التاريخية للرمز السياسى الوطنى القبطى مكرم عبيد ( أنا مسلم وطناً ومسيحى ديناً).



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023