شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فرسان جدد لانتفاضة قضائية جديدة ـ حسن القبانى

فرسان جدد لانتفاضة قضائية جديدة ـ حسن القبانى
كان العدوان على القضاء واستقلاله وبالا على كل الطغاة أو سببا فى الإطاحة بهم، حيث...
كان العدوان على القضاء واستقلاله وبالا على كل الطغاة أو سببا فى الإطاحة بهم، حيث اعتبر كل ديكتاتور العدل جريمة وتطبيق القانون نقيصة، وسعى لتحصين نفسه فوق الجميع، وإخضاع السلطة القضائية لقراراته مخافة وقف جبروته وهزيمة عصابته.

وكان ذلك العدوان فى كل الأنظمة مهما اختلفت نهاياتها إيذاناً بمولد جيل قضائى حر يلقن هؤلاء المجرمين دروسا فى العدل والحرية والكرامة ضمن الحراك الشعبى الغاضب حتى ينتصر، وتنتصر هذه الارادة الشعبية الحرة على عصابات الاستيلاء على الحكم واحتقار الشعوب.

ولعل عبد الفتاح السيسى قائد الانقلاب العسكرى سيكون أحد هؤلاء الطغاة قريباً بعد إصرار سلطاته على عداء القضاء والمحاماة واعتقال المحامين تحت رعاية الطوارئ وتدبير مذبحة للقضاة الشرفاء، وتشويه الدستور الشرعى لشل استقلال القضاء من المنبع، فضلا عن جرائم أخرى خلال ما يزيد عن 100 يوم رصدها قضاة وقانونيون وكيانات كجبهة استقلال القضاء لرفض الانقلاب.

لقد وُلد جيل قضائى جديد لمواجهة ذلك القمع الانقلابى والمذبحة التى طالت الشعب ووصلت إلى القضاء، على رأس هذا الجيل القضاة الأجلاء: وليد شرابى، ومحمد عوض، وعماد أبو هاشم، وعماد البندارى، وأيمن يوسف، وحازم صالح، ومحمد عطا الله، ومصطفى دويدار، وأحمد رضوان، وآخرون لن تسعهم السطور ولا نعرفهم، يرفعون راية الاستقلال بلا وجل أو كلل، استكمالا لجهاد فرسان القضاء الكبار عبد العزيز باشا فهمى ووجدى عبد الصمد وممتاز نصار ويحيى الرفاعى وأحمد جنينة ضد سلطات كره الاستقلال والقضاة.

ولمن لا يعرف فقاضى القضاة عبد العزيز باشا فهمى هو المؤسس للنهضة القضائية الحديثة فى مصر، وله جولاته فى التصدى للملك وأتباعه آنذاك دفاعا عن كرامة القاضى، وصمم على الاستقالة، عندما كان محمد حسنين هيكل مرشد الانقلاب العسكرى الحالى يتغزل فى الملك وأمجاده.

والمستشار الجليل يحيى الرفاعى هو مؤسس مدرسة استقلال القضاء فى الوطن العربى، تم عزله من القضاء فى 31/9/1969م ضمن 91 قاضيًا فى المذبحة الأولى التى دبرت على عين عبد الناصر، وفى 21/12/1972م صدر الحكم بإلغاء قرار عزله، وعاد الرفاعى قاضيًا بمحكمة شمال القاهرة، بعد مرحلة من القمع والغباء وصلت لمصادرة الشرطة لمذكرات الدفاع ومنعه من السفر وحصار عمله فى المحاماة، ثم أهانته بالتعيين بوزارة الاقتصاد ووقف معاشه ولكنه أبى إلا الصمود حنى انتصر، وبدأ مرحلة مميزة من ملاحم الكفاح والدفاع عن
الاستقلال امتدت لعهد مبارك وكللت فى مؤتمر العدالة الأول والأخير بتصديه لطوارئ المخلوع ووضعه مشروع استقلال القضاء فى مصر.

ويعد المستشار ممتاز نصار رئيس نادى القضاة الأسبق أبرز حَمَلة راية الاستقلال، وله موقف قوى فى 28 من مارس عام 1968 حيث أصدر باسم النادى بيانا طالب بدعم استقلال القضاء وإنهاء حالة الطوارئ وعدم اللجوء للمحاكم الاستثنائية وتوحيد العمل العسكرى العربى فى مواجهة العصابات الصهيونية، وتعبئة الشعب فى موجهة العدوان.

أما المستشار أحمد فؤاد جنينة رئيس نادى القضاة فى الفترة من ١٩٧٣ إلى ١٩٧٩، فتصدى للرئيس السادات فى قمة غضبه السياسى وطالبه بوقف حالة الطوارئ واحترام استقلال القضاء، ولم يختلف عنه المستشار وجدى عبد الصمد رئيس المجلس الأعلى للقضاء الأسبق، حيث واجه السادات أكثر من مرة بالحق وطالبه بأن يطلق الحريات العامة، وأجبر النظام فى عام 1984م على تعديل قانون السلطة القضائية، عندما أعلن عن تنظيم مسيرة بالأوشحة للقضاة من مقر النادى إلى قصر الرئاسة.

ومن نسل هؤلاء جميعا تخرج المستشار حسام الغريانى أحد شيوخ القضاة الأجلاء والعقل المفكر والمحرك لانتفاضة القضاة فى 2006 لتعديل قانون السلطة القضائية، والتى تصدرها قضاة بارزون فى الدفاع عن استقلال القضاء، منهم المستشارون أحمد مكى ومحمود الخضيرى وزكريا عبد العزيز وفؤاد راشد وأشرف البارودى ويحيى جلال وأحمد صابر وهشام جنينة وعصام عبد الجبار وناجي دربالة وأحمد سليمان.

فى هذه الانتفاضة تصدى القضاة فى وقفات بالأوشحة وجمعيات عمومية طارئة لعداء نظام مبارك لاستقلال القضاء، وإحالة المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكى إلى لجنة الصلاحية بعد كشفهما للتزوير فى الانتخابات البرلمانية، والتى وقف فيها الرئيس المختطف محمد مرسى ضمن حشود الشعب الداعمة للقضاة قبل أن يعتقل صباح 18 مايو 2006 ويقضى سبعة أشهر في السجن.

وسقط مبارك فى 2011، ولكن بقيت ثعابينه تعبث بالقضاء والوطن حتى الآن.

ودبرت تلك الثعابين الغادرة الانقلاب العسكرى على الرئيس الشرعى المنتخب الدكتور محمد مرسى، الذى يحسب لنظامه على مدار عام أنه لم يتجه لإحالة قضاة شرفاء للتحقيق، وكل ما طلب به هو التحقيق مع القضاة المتورطين في مخالفات قانونية، وسعى لإقامة مؤتمر العدالة الثانى، ولم يُمَس قاض جهر بغضبه ضده، حتى وصلت الحرية مدى يراه البعض فوضوى، استغله القضاة المحسوبون على نظام مبارك.

وللأسف، كان للمناكفات السياسية التى دارت عقب الثورة، دور فى تفتيت جبهة استقلال القضاء وتجميدها فى هذه الفترة على يد اليساريين والليبراليين للأسف، وهذه شهادتنا للتاريخ، وتفاصيلها ليس وقتها الآن.

ولكن صمد القضاة الذين اعتقدوا فى استقلال القضاء كمنهج حياة قضائية سليمة، وأساس سليم لبناء الوطن بعيدا عن تجاذبات الأفكار والعلاقات بالساسة وانحازوا للحقيقة، صمودا قويا وجهروا فور الانقلاب العسكرى بدعم الشرعية الدستورية ونتائج الانتخابات التى أشرف عليها القضاء وأعلنها من صناديق شفافة.

وبعد أن اتضحت المؤامرة على القضاء واستقلاله والوطن ومساره، صدع من صدع بالحق من الكتلة الصامتة بالمؤسسة القضائية، إلا أنه للأسف غاب عدد من الكبار الذين شاركوا فى معركة التصدى لمبارك وعصابته حتى الآن، وهم يعرفون أنفسهم، وأملنا أن يعيدوا حساباتهم احتراما لتاريخهم.

والآن، نراهن على هذا الجيل القضائى الحر فى عدم خذلان الشعب ومطالب ثورته فى قضاء كامل الاستقلال وقضاة أعزة كرماء ووطن حر خالٍ من انقلاب فاشى وقصاص سريع وعادل للشهداء من القتلة والفاسدين فى ظل مشهد ثورى مهيب، تتصاعد حلقاته يوميا، وثقتنا كاملة فى أنهم لن يخذلوا الشعب ولن يخذلهم الشعب الثائر فى كل ميادين مصر.

نثق فى أن أبناء يحيى الرفاعى لا يهابون الطغاة، ولا يبيعون الكرامة، ولا يساومون على الحقوق، ولا يتركون القضاء مكبلا والوطن أسيرا فى أيدي
سلطة انقلابية غاشمة ديكتاتورية مصيرها السقوط بلا شك، وننتظر بركان
الغضب للدفاع عن دار القضاء من الجميع، والله غالب على أمره ولكن أكثر
الطغاة لا يعقلون.

 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023