شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

استمرار نزيف العقول.. مخترع “إنتل” الصغير: لن أعود في ظل الانقلاب

استمرار نزيف العقول.. مخترع “إنتل” الصغير: لن أعود في ظل الانقلاب
  هو من بين أبناء مصر النجباء الذين أذهلوا العالم باختراعاتهم ونبوغهم، وعلى صغر سنه (بالصف...

 

هو من بين أبناء مصر النجباء الذين أذهلوا العالم باختراعاتهم ونبوغهم، وعلى صغر سنه (بالصف الثالث الثانوي) فقد اختارته شركة "إنتل" العالمية لتمثيل مصر في مسابقة دولية بأمريكا، وقبل سفره بأيام.. كرمه الانقلاب العسكري بالاعتقال وتوجيه لائحة طويلة من التهم له بعد أن رفع شارة رابعة العدوية تعبيرا عن رأيه في رفض الانقلاب؛ وبعد ضغوط شديدة أفرجت عنه سلطات الانقلاب (على ذمة التحقيقات) ليسافر إلى أمريكا ويحضر المسابقة، ومن هناك، حسم عبد الله عاصم المخترع الصغير أمره: لن أعود في ظل الانقلاب.

 

موقف الطالب المخترع عبد الله عاصم أثار جدلا واسعا بين مؤيدي ومعارضي الانقلاب وحتى داخل أسرته الذين فاجأهم قراره هم أيضا، وما بين كلمات الاعتذار والأمل والتقريع والتوبيخ حفلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من التعليقات، غير أنه (بجانب عاصم) تبقى حقيقة أن كثيرا من أشباه عبد الله عاصم من أصحاب العقول النيرة (كبارا وصغارا).. لا يزالون في سجون الانقلاب.

 

"إنشا الله ما عنك رجعت"

 

هكذا علقت الإعلامية لميس الحديدي -وهي من أبرز الموالين للانقلاب العسكري والمدافعين عنه- على قرار عاصم الأخير بعدم العودة في ظل الأوضاع التي تعيشها مصر بعد الانقلاب، وقالت الحديدي إنها بعد دفاعها عن الطالب عبد الله عاصم المعروف بـ "المخترع الصغير"، لكي يسافر إلى أمريكا لتكريمه لم يرجع مع البعثة التي سافرت.

 

وتابعت: "راح عبد الله.. في ستين سلامة، مصر فيها مليون حد أجدع وأنضف ويستاهل يعيش في مصر"، قائلة: "إنشا الله ما عنك رجعت"!.

 

يذكر أنه كان من المفترض عودة المخترع الصغير، عبد الله عاصم أمس من الولايات المتحدة إلى مصر ولكنه تخلف عن الطائرة رافضًا العودة على خلفية ضبطه وتوجيه عدة اتهامات له حيث سبق أن ألقي القبض عليه قبل 48 ساعة من موعد تكريمه من وزير التربية والتعليم، وقبل 10 أيام من سفره إلى الولايات المتحدة؛ للمشاركة وتمثيل مصر بمعرض «intel ISEF 2014»، في منافسة تضم أكثر من 60 دولة أخرى، وتحكمها لجنة تضم عددًا من الحاصلين على جائزة نوبل في العلوم.

 

يأتي ذلك، بعد نجاح عبد الله، الطالب في المرحلة الثانوية بمدرسة دار حراء الإسلامية بأسيوط، في اختراع نظارة طبية يرتديها مرضى الشلل الرباعي، وتساعدهم على تحديد مطالبهم كبديل عن الكلام، عن طريق متابعة تحريك العين، فيظهر على شاشة الكمبيوتر الشيء الذي يريدونه.

 

قرار نهائي

 

وفي تصريح له أمس قال عاصم طلبت منهم أي ضمانات لعدم اعتقالي مجددا ولم يتم الرد وقراري نهائي بعدم العودة إلى مصر حفاظا على سلامتي.

 

وتابع «عاصم»، في مداخلة لـ «الجزيرة مباشر مصر»، بعد دخولي المطار بالولايات المتحدة لم أجد جواز السفر الخاص بي وجاءت الشرطة وتفهمت مشكلتي من شركة انتل.

 

وتخلف عاصم عن الطائرة العائدة لمصر مع البعثة المرافقة له وأبدى رغبته بعدم العودة نهائيا لها بعد تجربة اعتقاله والإهانات التي تعرض لها، بعد أن ألقت قوات الأمن القبض على عبد الله من ميدان التحرير أبريل الماضي وقبل سفره بأيام في المسبقة التي تمثل مصر ووجهت له الشرطة عدة اتهامات منها حرق سيارة شرطة ورفع علامة رابعة والتظاهر بدون ترخيص.

 

وأصر أمن الانقلاب على استمرار توجيه التهم له برغم السماح له بسفره ما دفع عبد الله لاتخاذ قراره بعدم العودة هو ما ترجحه عائلة عبد الله.

 

بعد الغدر.. سأبقى هنا

 

وفى تصريحات صحفية له أمس قال عاصم والطالب بالصف الثالث الثانوي، من الولايات المتحدة الأمريكية، إنه فوجئ بعدم وجود الأوراق الخاصة وجواز السفر خلال تواجدهم في المطار صباحا للبدء في إجراءات العودة، متهما مشرفي البعثة بسرقته منه والإبلاغ عنه للشرطة موجهين تهمة الهروب له، خوفا من "اعتقاله" بمصر، لاتهامه في عدة قضايا قبل سفره بأيام".

 

وأشار المخترع الصغير إلى أن رجال الشرطة الأمريكية فور وصولهم إلى المطار أخبروا المشرفين أنهم بذلك يعرضون الطالب للخطر، لافتا إلى أن الشرطة طرحت له خيارين "البقاء في أمريكا والاحتفاظ بكافة الحقوق السياسية وحرية التعبير، وإما العودة إلى مصر"، إلا أنه أختار البقاء بأمريكا، معبرا عن ذلك بقوله "قلت لهم بعد الغدر إلى شوفته انا هقعد هنا".

 

وأضاف عبد الله: " وقعت عدة خلافات بيني وبين مشرفي البعثة خاصة عندما طالبتهم بإعطائي ضمانات بعدم إلقاء القبض علىّ مرة أخرى فور وصولي إلى الأراضي المصرية، إلا أنهم في كل مرة كانوا يؤكدون أن الأمر يرجع للأمن الوطني ولا علاقة لهم بذلك القرار، ولم أتوقع وصول الخلافات إلى هذا الأمر، وإبلاغ الشرطة عنى بتهمة محاولة الهرب وطلبهم بترحيلي إلى مصر في طائرة أخرى، ولن أعود مع البعثة المصرية غدا، لعدم حيازتي للباسبور وأوراقي".

 

وتابع عبد الله: "تحدثت فور خروجي من المطار وإقامتي بأحد منازل أصدقائي إلى السفير المصري بأمريكا، وأكد لي أنه سيجرى مباحثاته بالقنصلية لمحاولة استرداد أوراقي، كي أستطيع المعيشة بالدولة الأمريكية أو حتى الرجوع إلى مصر، فأنا حر الأمر يرجع إلى".

 

لم أخطط للبقاء.. والعودة مجازفة

 

وأكد عبد الله أنه أبدا لم يخطط للبقاء بأمريكا عقب المسابقة لكونه أراد النزول إلى مصر والانتهاء من امتحانات نهاية العام، مشيرا إلى أنه كان يعمل على السفر مرة أخرى لأمريكا خلال إجازة نهاية العام الدراسي، واصفا رجوعه إلى مصر في تلك الظروف بـ " المجازفة" للحفاظ على مستقبله الدراسي بالبلاد.

 

وطالب المخترع الصغير كافة الجهات المعنية في مصر، بإعطائه الضمانات الكاملة في حال رجوعه إلى مصر أنه لن يتم اعتقاله أبدا، بالإضافة إلى إرجاع أوراقه له مرة أخرى.

 

في المجهول

 

ومن جانبه نفى عاصم الزيدي، والد المخترع الصغير عبد الله عاصم، علمه بسر عدم عودة نجله إلى مصر مرة أخرى بعد أن غادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وأضاف الزيدي في مداخلة هاتفية على قناة «سي بي سي اكسترا»: «أن المعاملة السيئة له بمطار القاهرة وتعرضه للإهانة قد تكون السبب في ذلك، وأكد والد المخترع الصغير أن عبد الله ليس من أسرة إخوانية، ورمى نفسه في المجهول بهذا التصرف لأنه لا يملك مالا أو مأوى بجنوب غرب أمريكا.

 

كما قال عبد الرحمن عاصم، شقيق المخترع الصغير عبد الله عاصم: "إن شقيقه رفض العودة إلى القاهرة وتخلف عن الطائرة القادمة من أمريكا لمصر".

 

وحول موقف شقيقه من العودة لاحقًا لمصر، قال عبد الرحمن في تصريحات صحفية "مش عارفين ظروفه إيه والأمور هتظهر بعد فترة"، موضحًا أن عبد الله نفسه لا يعلم حتى الآن إلى أي شيء ستنتهي الأمور برجوعه أم بقائه هناك "ولكن هو مش عايز يرجع".

 

وأضاف شقيق المخترع الصغير "موقف عبد الله انعكاس لما حدث له قبل خروجه من مصر وحبسه وتلفيق تهم له"، وفقًا لتعبيره وبسؤاله عن خطورة بقائه هناك دون إقامة أو تصريح يتيح له ذلك، قال "الدولة دي تحترم حقوق الإنسان".

 

محدش يقدر يلومك

 

وفي مقابل عبارات التقريع، قال الشاعر عبد الرحمن يوسف، إنه لا أحد يملك توجيه اللوم للمخترع عبد الله عاصم، بعد أن رفض العودة إلى القاهرة.

 

وأضاف يوسف عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "المخترع الصغير يرفض العودة لمصر، وشقيقه: أمريكا تحترم حقوق الإنسان"؛ للأسف "محدش يقدر يلومك يا عبد الله … الفاشلون دراسياً يواصلون هوايتهم القذرة في طرد وتطفيش المبدعين"!

 

ستعود بعد رحيل الانقلاب

 

فيما قال الدكتور سيف الدين عبد الفتاح الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية للمخترع الصغير "يا بني.. أعتذر لك.. ستعود إن شاء الله آمنا غانما سالما.. حينما ينقشع الانقلاب وسدنته".

 

وأضاف عبد الفتاح عبر صفحته الرسمية علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مرة أخرى أعتذر لك.. حينما سيتحرر الوطن سيسعك.. وسيسع الجميع".

 

عباقرة في سجون الانقلاب

 

غير أنه عاصم لم يكن المخترع الصغير الأول ولن يكون الأخير في مصر الانقلاب فقد سبق أن اعتقلت قوات أمن الانقلاب الطالب عمر ياسر رزق الطالب بالفرقة الاولي بالثانوية العامة بمدرسة طه حسين بالمنصورة.

 

وما يزال عمر قيد الاعتقال غير أنه نجح في الحصول على الدرجات النهائية في جميع المواد وحافظ على ترتيبه من الأوائل بين دفعته رغم اعتقاله.

 

يذكر ان عمر من الطلاب الأوائل على دفعته منذ المرحلة الابتدائية وقد أدى امتحاناته بقسم أول المنصورة في ظروف سيئة حيث منع عنه دخول الكتب الدراسية لفترة منذ اعتقاله وعدم توفير أي مناخ مناسب للمذاكرة وتعمد تأخير دخوله الامتحانات أكثر من مرة وتعرضه للضرب داخل قسم أول المنصورة ومنع دخوله المستشفى للكشف الطبي!

 

وقد اعتقل عمر اوائل ابريل الماضي مع خمسة من زملائه بتهم حيازة شماريخ وكتابه عبارات مسيئة على الجدران ضد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

 

أما أحمد سامي فهو قصة أخرى من انتهاكات الانقلاب ضد المتفوقين والباحثين من الشباب، أحمد طالب كلية هندسة وصاحب عدد من الاختراعات في مجاله.

 

غير أن مصر الانقلاب –وفقا لحقوقيين ومحللين سياسيين- لا تعرف إلا "انتهاك حقوق أي من معارضي الانقلاب ورافضيه"؛ فقد تم اعتقال سامي وتوجيه تهم له منها أنه صاحب تشكيل عصابي ومساهم في تفجير المترو، وبعد اعتقاله لأسابيع طويلة أصدر القضاء حكمه ضد سامي بالسجن 15 عاما"!.

 

روبوت مقاتل

 

وفي السياق ذاته، تداول نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورة للطالب المصري حسن فريد، مخترع ما يسمى بـ "الروبوت المقاتل"، وهو يؤدي امتحاناته بملابس السجن الاحتياطي، بصحبة عدد من رجال قوات الأمن بتهمة استخدام الروبوت لأغراض حرب.

 

وأثارت الصورة استياء النشطاء خاصة وأن المخترع وهو طالب في كلية هندسة بالعاشر قسم ميكاترونكس، كان من ضمن الطلبة التي نفذت مشروع (الروبوت المقاتل) مع مركز البحوث الفنية دفاع جو التابع للقوات المسلحة، وسبق وأن قامت القوات المسلحة قبل عزل مرسي بتكريمه لحصوله على براءة اختراع "روبوت مقاتل" وذلك تشجيعًا له على اختراعه.

 

وسخر النشطاء من سجن فريد حيث قال بعضهم "للأسف النخبة الحقيقية من دكاترة ومهندسين ومخترعين وأستاذه وعلماء في المعتقلات، والفاسدين وقتلة الثوار ينعمون بالحرية" على حد وصفه. فيما قال آخرون: "المخترع "الحسن فريد" اتكرم قبل الانقلاب على اختراعه "روبوت مقاتل" وبعد الانقلاب اتقبض عليه بتهمة استخدام الروبوت لأغراض حرب! المخترع ده لو كان في امريكا كان اتوظف بـ 100 ألف دولار في الشهر يا بهايم!".

 

قضايا عبد عاصم وحسن فريد وعمر ياسر وأحمد سامي ليست الوحيدة للعباقرة الذين يقبعون في سجون الانقلاب، ولكنها القضايا التي استطاعت أن ترى النور وتصل للإعلام؛ حيث تواصل سلطات الانقلاب اعتقال علماء وأساتذة جامعة وأطباء ومهندسين كثر، كما أن غيرهم أفلتوا من جحيم الانقلاب ورحلوا في صمت، وهو ما يدفع حقوقيين وسياسيين إلى التساؤل: "إلى متي يظل العلماء والباحثين وخير من أنجبت مصر يفضلون الخارج؟ ومتي يكف الانقلاب عن انتهاكاته ضد معارضيه سواء كانوا علماء أو طلاب أو غيرهم؟".



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023