اعتبر أزهريون ومحللون أن قرار وزارتي الأوقاف والعدل بحكومة الانقلاب بمنح الضبطية القضائية لقيادات ومفتشي الأوقاف، يساهم في تحويل مفتشى الوزارة إلي مخبرين وأمنيين، كما يساهم في إحداث فتنة داخل الوزارة، وأنه يأتي ضمن سياسة الانقلاب في إثارة الفتنة بين أبناء الشعب الواحد.
وكان الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بحكومة الانقلاب تلقي قرارً من المستشار محفوظ صابر، وزير العدل الانقلابي، بمنح صفة مأموري الضبط القضائي للدفعة الأولى من قيادات ومفتشي الأوقاف وعددهم مائة، وذلك بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام قرار رئيس جمهورية مصر العربية بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وما في حكمها.
وقالت الوزارة إن الهدف الرئيسي من منح الضبطية القضائية للمفتشين هو "ضبط شؤون الخطابة والدروس الدينية بالمساجد، ومنع الدخلاء وغير المؤهلين وغير المتخصصين من اقتحام المنابر، كما كان يحدث في الماضي، وعدم السماح باستخدام المنابر أو المساجد لخدمة مصالح حزبية أو شخصية أو فصيل بعينه على حساب المصالح العليا للوطن"، على حد زعمها.
واستنكر الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، منح وزارة الأوقاف الضبطية القضائية، مشيرًا إلى أنه "دلالة كبرى على عودة الدولة الأمنية مرة أخرى وعودة لتسييس شتى مجالات الحياة، مشيرًا إلى أنه خطأ فادح من شأنه أن يزيد من اتساع الفجوة الواقعة بين الأوقاف والتيار الإسلامي بشكل عام.
وأضاف سعيد، أن تدخل الأمن في اختيار الخطباء أمر "مرفوض وغير واقعي".
وهاجم المتحدث باسم الجبهة السلفية، وزارة الأوقاف لانصياعها للقرارات الأمنية، واصفًا إياها بأنها وزارة "مخصخصة " للأمن، موضحا أن الدول الراديكالية و"المنحطة" هي التي تعمل على تسييس الدين بشكل فج، على حد وصفه.
من جانبه الدكتور رفض أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، القرار قائلًا :"أربأ بالنظام الحالي أن يشهد في عهده نظام تكميم الأفواه".
وأضاف كريمة، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "صباح أون" على فضائية "أون تى في": "انزعوا هذا الفتيل لأنه سيساء استخدامه وستحدث مصادمات المجتمع لا دخل له بها، لأن المساجد لها حرمتها وقدسيتها".
وأشار إلى أن هذا القرار يعيد الدولة المصرية إلى الدولة البوليسية، وينتهك حركة المساجد والعلماء، موضحًا أنه يعيد ملامح الدولة الديكتاتورية ونظام تكميم الأفواه، ولكن هذه المرة في صورة جديدة تحت عمامة الأزهر.
وأكد أن وزارة الأوقاف هي المسئولة بصورة كاملة عما يحدث في المساجد، مطالبا الوزارة بترتيب أوضاعها وتطوير الأداء الدعوي بدلًا من استخدام هذه اللغة العنترية، التي تجعل من العالم الأزهري ضابط شرطة وهو ما سوف يستفز جموع الشعب.
بدوره قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، سامح عيد: "إن قرارات الدولة الأخيرة تندرج تحت الحل الأمني لكل أزمة أو مشكلة تواجهها، واتضح ذلك حتى في موضوع الجامعات الذي أثبت فشله".
وأشار عباده إلى أن من مهام المفتش "المرور على المساجد والجوامع وتفقدها، وفي حال تم اكتشاف أي خطيب أو داعية ليس لديه تصريح سيتم تحرير محضر له على الفور".
وكانت وزارة الأوقاف بحكومة الانقلاب أصدرت عدة قرارات لضبط العمل بالمساجد، على حد وصفها، تضمنت قصر إقامة صلاة الجمعة على المساجد الجامعة فقط، وعدم إقامتها في الزوايا أو المصليات إلا عند الضرورة الملحة، وبإذن كتابي مسبق، وكذلك عدم جمع أي أموال داخل المسجد إلا في الإطار الذي ينظمه القانون وبموجب إيصالات رسمية معتمدة يتم تسليمها، وكذلك توحيد خطبة الجمعة على مستوى الجمهورية في جميع مساجد مصر، وقصر عمل محفظي القرآن بالمساجد على خريجي كلية القرآن الكريم.
وأكد نشطاء أن الوزارة أصبحت هيئة أمنية لا دينية، حيث فقدت الكثير من دورها الدعوي ووجاهتها الدينية، لتكون أداه في يد الانقلاب تنفذ سياسته.