شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الإعلام و”الاشتغالات” وسر الفشل! – محمد ثابت

الإعلام و”الاشتغالات” وسر الفشل! – محمد ثابت
إن ما يسمى بإعلام (الشرعية) إذ يردد هذه الفيديوهات ويسبح بحمدها ليل نهار، إنما يُثبتُ المزيد من فشله عن احتواء وفهم الواقع، مجرد الاحتواء والفهم المتأني الواضح له

  مما يؤثر أن الراحل الشاعر “نجيب سرور” قاله: “ارفض أن تقول لا المقننة”.

من جديد؛ وكل عدة أشهر تنطلق مقولات من أرض القاهرة؛ وتحت سمائها، التي طالما تمنينا أن تكون مضيئة، يخرج علينا شاب غير معروف من قبل؛ لا في تفاصيل الوجه، ولا في ملامح وملابسات الحوار؛ الذي يبدو عفوياً، ليتم تصويره عبر كاميرا ثابتة معُدة سلفاً، أو متحركة تبدو أنها ألتقطت أمرًا مفاجئًا.

أما ما يقوله الشاب في كل مرة فمؤداه يدور حول تناول الوقائع المؤسفة التي تحدث في بلادنا، مقولات عامة لا تستشهد بمعلومات دقيقة، ولا تنهض من رغبة في التغيير؛ وإنما توصف الحال على ما هو عليه، وتكتفي بالتحذير من استمراره، في دفقة صوتية متتالية تأخذ بنفس المشاهد المهموم فتفرج عنه جزءًا من كربه ومعاناته؛ ثم تتركه دون تغيير على أرض الواقع!

والأمر ليس بمفاجاة جديدة من نوعها؛ بل معهود متكرر؛ فأبواق الإعلام الانقلابي تبادر بنشر مقطع الفيديو؛ ثم ما تلبث قنوات ما تسمى بالشرعية في تركيا، التي هي على النقيض تماماً من الاولى،  تبادرد إلى “اقتناصها” ونشرها على مستوى واسع، وتجد برامج الهواء؛ المتشابهة في كل شىء اللهم إلا مواعيد البث، وأسماء ووجوه المُقدمين.

تجد ما يُسمى بقنوات الشرعية تبادر بتلقفها وإذاعتها وملىء أوقاتها بما تقوم به على أنه “تحليل” لمقاطع الفيديو، ومن ثم تتقدم بعض الأقلام لتجعلها مادة رئيسية للأخذ والرد والوصف والتحذير مما يحدث على أرض مصر، وصحة الوضع الذي كان في أيام الرئيس “محمد مرسي”، فك الله أسره وأسر كل معتقل ومسجون لأجل الرأي.

وفي المنتصف يصير السؤال الأكبر الذي يعيي الكثيرين: هل (الفيديو) معد من قبل أم تلقائي؟

والأمر يمضي ضمن منظومة أكبر وأشمل من إلهاء غير الموافقين على ما يحدث في مصر بما لا يغني ولا يُسمن من جوع أرواح محبة للخير لعودة البلاد إلى طريق حقيقي للنهضة.

ومؤخراً صار “السحب على المكشوف” أكثر، فعقب مقطع من هذه النوعية مع مذيع معروف بإحدى القنوات الخاصة، اتصل مسؤول من مكتب رئيس الوزراء بالمذيع الذي صوره مع الشاب في وسيلة مواصلات لم تكن معهودة في مصر.. يريد معرفة اسم الشاب، ومقرراً لقاءات مسؤولين مع الشباب، ومن جهته صرح المذيع أنه ألتقى الشاب بناء على رغبته في سوق في العبور، وأنه يتعجب من كم المشاهدات لليوتيوب (تجاوز ثلاثة ملايين مشاهدة حتى كتابة هذه الكلمات)، مع إنه يسجل مثل هذا اللقاء أسبوعياً، ويؤكد أن الأمر غير مرتب له، ثم يعلن عقب اللقاء قرارات رئيس الوزراء.

اختلط الدين بالسياسة في كلمات الشاب الأخير المعروف بالتحذير من لقاء الواحد الملك الديان، سبحانه، ومن ناحية اخرى جاءت كلمات المذيع حاسمة عقب اللقاء:

ـ انا سأذيع كل حرف نطقت به!

وانقلبت مواقع التواصل الاجتماعي لساعات طويلة، فالبعض يقول بأن الامر مرتب له، والبعض من وجهة أخرى ينفي ترتيبه.

أما الحقيقة التي أعرفها فإن الكلمات التي توصف الواقع ولا ينبي عليها عمل بأي نسبة كانت..ليس لها فائدة من الأساس، فسواء كان لقاء المذيع المشهور بلقائته مع الرئيس “محمد مرسي”، والذي تأخر موعد بث لقاء له معه..حتى تمت إذاعته قرب الثانية صباحاً، وهو نفسه نفس المذيع الذي طالما مدح في الرئيس، فك الله أسره، ثم لم يهتز له جفن لما تم الانقلاب عليه.

إن كل كلمة لا ينبني عليها عمل ولا تغيير على ارض الواقع، من هذه العينة، إنما هي تصب في النهاية في صالح الإعلام الانقلابي الفاشي الموتور الذي هو في نفس الوقت، من آسف، أفضل حالاً من الإعلام المضاد الذي يدعي الانتماء إلى الحق والمخلصين فيما هو يدور طوال الوقت في نمط الأخذ من المواد المجهزة المعلبة المصورة التي تتعدها الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة بمساعدة المخابرات الحربية التي كان يرأسها قائد الانقلاب.

وفي النهاية هذه اللقاءات ليس المطلوب التفكير فيها هل هي معدة ام غير معدة سلفاً..؟ بل إن الأساس الذي ينبغي السؤال عنه والاستقهام حوله.. لمصلحة من تصب في النهاية؟

إنها لا تصب إلا في (خانة) استمرار الانقلاب؛ والفشل في تضميد الجراح بمزيد من تلويثها بالإقرار أمام العالم كله، ومن قبل الضمائر، أن في مصر أصوات معارضة تنتقد النظام الانقلابي بمنتهى الحرية، وأن أصحاب هذه الانتقادات “يعيثون” حراكاً في الأسواق ليل نهار بلا تعرض لأحد لهم.

ثم إن الكلمات في النهاية تجعل المواطن البسيط العادي يطلق زفرة ألم ويتنهد فإن هناك في مصر من يتحدث بلسانه ويعبر عن حاله ويتلقى المخاطر بدلاً منه فلا

داعي من أن يُبدي رد فعل.

والأمر، وهو الأخطر، يُمني أولئك الذين خرجوا من الشباب والكهول من مختلف الأعمار خلف دعاة الشرعية، يُمنيهم بأن هناك ثورة جياع في الطريق إلى مصر وهي ستعيدهم إلى أماكنهم ووظائفهم من جديد.

وفي المنتصف، إذ إن مثل هذه الامور وارد تكرارها، فالمشهد يمثل كتلة من الأماني (الخائبة) الذي تحرص المخابرات عليه منذ بداية الأحداث الدامية الأليمة في مصر، والتي تُحقق لها الراحة من الاصوات الشعبية المعترضة في مصر بالتنفيث عنها، وفي خارجها بمزيد من إلقاء الحطب في نيران الأماني المزيفة.

إن ما يسمى بإعلام (الشرعية) إذ يردد هذه الفيديوهات ويسبح بحمدها ليل نهار، إنما يُثبتُ المزيد من فشله عن احتواء وفهم الواقع، مجرد الاحتواء والفهم المتأني الواضح له، فضلاً عن محاولة مواجهته، والتعبير عن رأي واضح للقيادات التي صارت معزولة لا تتناقش إلا في الخلافات سائرة وراء الأمنيات والأطروحات القاصرة، واضعة مئات الألوف من الدولارات على رهانات فاشلة لإعلاميين أفضلهم لا يستطيع شغل الرأي العام في مصر مثلما يشغله صاحب آخر هذه الفيديوهات الآن، وفضلاً عن أن تتعلق أفئدة إعلاميين في الغربة بالبلاد أو الأمة والعباد، لا الانسياق خلف الأماني وترك الواقع يتمادى في الإيغال في التدهور، وإن استمرت آلام آلاف المصريين، وإن تمادى طريق الجراح بالأمة.

إن أول خطوات الإفاقة، لا النجاح، التنبه إلى المواد التي يبثه الانقلابيون بعناية في الصف، ويرددها المئات بلا وعي، وينحاز إليها إعلام يدعي الدفاع عن الشرعية فيما هو قاصر عن فهم الواقع المتكرر لمئات المرات إن لم يكن أكثر.

إن قيادات للإخوان ما دامت متخبطة تراعي بقاءها واستمرارها دون حسم للقضية فسنظل طويلاً في تلك البؤرة الملتهبة من جذب الملايين وشغلهم فيما لا طائل من ورائه .. فيما الواقع يزداد سوءً من حولهم!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023