اعتبر الكاتب الصحفي «ديفيد جاردنر» أن لعبة القوى الخطيرة في الخليج تُقلق العالم كله باستثناء البيت الأبيض، بعد دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحصار الذي تقوده السعودية ضد قطر واقتناعه أن هذا الهجوم حاسمٌ في مواجهة الجهاديين.
يضيف «ديفيد» في مقاله بصحيفة «فايننشال تايمز» أن الأمير القطري، الذي يقود بلاده منذ أربع سنوات، في أزمة قوية؛ ويبدو أن زيارة الرئيس الأميركي للسعودية الشهر الماضي ساهمت في تشجيع الرياض ضد قطر، ولكن الأمير السعودي محمد بن سلمان، الذي يساعد في حكم بلاده، قد يدخل في أزمة قريبة أيضًا بسبب سياساته.
ما يبرر غضب السعوديين هو التقارب بين قطر وإيران، ما يعتبر اتّهامًا منطقيًا في ظل معاداة ترامب لطهران؛ لكنه ليس السبب الأساسي لقطع العلاقات، فعمان والكويت تحتفظان أيضًا بعلاقات جيدة مع إيران؛ ولكن ما سبّب هذا العداء دعم قطر المزعوم للجماعات الدينية المتطرفة.
ويقول «ديفيد» إن الكتلة السعودية ترى أن قطر تخلّت عن دعم شرعية الممالك الخليجية والأنظمة الديكتاتورية العربية، بعد أن أصبحت قناة «الجزيرة» صوتًا للمنشقين والإسلاميين، بجانب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين التي وصلت إلى الحكم في مصر وأطاح الجيش بها في 2013، كما أعطت منصة للشيخ «يوسف القرضاوي» الداعم لرؤية الإخوان.
ربما غضب الغرب من فتاوي القرضاوي ورؤوا أنها تبرّر التفجيرات الإرهابية في منطقة تعاني من الطائفية؛ لكنّ ما أثار استهجان قادة الخليج رؤية قطر الداعمة لتظاهرات الربيع العربي، التي حاربتها السعودية بتوزيع مليارات الدولارات على حلفائها في الخارج وتابعيها في المنطقة؛ مثل عبدالفتاح السيسي الذي وصل إلى السلطة وحَظَرَ جماعة الإخوان. لكن، بعد انهيار سعر البترول وسعي محمد بن سلمان إلى الإصلاح الداخلي، قلّصت المملكة من إنفاقها الخارجي.
يضيف «ديفيد» أنه لا يمكن لأحدٍ أن يعيب على برنامج 2030 للأمير السعودي، الذي يقلل اعتماد الاقتصاد على البترول؛ ولكنه في غضون أشهر اتجه إلى محاولة إلغاء الإعانات المُعطاة لموظفي الدولة والعاملين في الخدمات العامة، وكان يجب عليه توقع انهيار الاستهلاك؛ بسبب اعتماد الرواتب العامة لنصف العاملين تقريبًا في القطاع العام والمشاريع الخاصة على إعانات الدولة.
وعلى الرغم من تدهور اقتصاد الدولة؛ فإن السعودية اتجهت إلى شراء الأسلحة من الولايات المتحدة الأميركية لمساعدتها في حربها ضد اليمن التي دخلها الأمير السعودي منذ سنتين لتلقين الحوثيين الشيعة وإيران وسوريا درسًا، ولكنه فشل في الخروج من هذه الحرب حتى الآن.
لم يكتفِ محمد بن سلمان بذلك، فهو لا يسعى إلى إسقاط قطر فقط؛ بل ويهدّد إيران ببدء القتال على أرضها. ومن المتوقع لومه على الهجمات الإرهابية التي وقعت في طهران رغم تبني «تنظيم الدولة» هذه الهجمات.
«عندما يكون لديك أبناء يتّخذون قرارات متهوّرة فستكون لذلك عواقب»، هكذا صرّح مسؤول غربي (رفض ذكر اسمه) لـ«ديفيد».
هناك احتمالية وقوع أزمات ستؤدي إلى زيادة حدّة التوترات في حالة حدوث مواجهات بين السعودية وإيران أو بين عملائهما بالوكالة، أو في حالة إرسال تركيا قواتها لتعزيز قطر ودعمها؛ ولا يوجد أيّ تحرك أو سياسة تدل على رغبة الرياض وطهران في حل الخلافات بينهما.
يضيف «ديفيد» أن وزير الخارجية الإيراني «جواد ظريف» قال في تصريح له إن إيران ناضجة بشكل كافٍ لتعي أنها لا يمكنها استثناء السعودية من المنطقة؛ ويجب على السعودية التأكد من أنها لا يمكنها التخلص من إيران في المنطقة.