سعى عبد الفتاح السيسي إلى امتصاص غضب المواطنين جراء الارتفاع الهائل في الأسعار الذي صاحب خطة الإصلاح الاقتصادي للبلاد، بإعلان زيادة دعم الفرد في البطاقة التموينية بنحو 140%، ليصل إلي 50 جنيه للفرد الواحد.
وظهرت التخوفات من الارتفاع الكبير في الأسعار، بعد زيادة دعم بطاقة التموين، خاصة في ظل حزمة الزيادات المتوقعة في شهر يوليو.
وأثارت هذه الزيادة في دعم بطاقة التموين مخاوف المواطنين من حجم زيادات أسعار شهر يوليو، خاصة وأن هذه الزيادات سوف تشمل «الوقود والكهرباء والغاز والمياه» مؤكدين أن هذه الزيادات سوف تصحبها ارتفاعات في أسعار جميع السلع.
مستوى تضخم غير مسبوق
وشهدت مصر، التي تعتمد على الاستيراد في توفير أغلب احتياجاتها، ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والخدمات خلال العامين الماضيين بسبب شح العملة الصعبة ونشاط السوق السوداء.
ومع قرارات نوفمبر الماضي التي شملت تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة وزيادة أسعار الطاقة ومن قبلها تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، تضاعفت أسعار السلع والخدمات من جديد، ما أثار سخط المواطنين وخاصة محدودي الدخل.
وقفز التضخم في أسعار السلع والخدمات خلال الأشهر الماضية متجاوزا 30%، ليسجل أعلى مستويات في ثلاثة عقود.
التموين: لا زيادة في الأسعار
أكد الدكتور على مصيلحي، وزير التموين والتجارة، أن الحكومة لن تصدر قرارات جديدة بزيادة الأسعار في شهر يوليو المقبل، كما يدعي البعض، مؤكدًا أن الدولة تسعى لتخفيف العبء على محدودى الدخل.
وأكد المصيلحي، أن قرار السيسي بزيادة الدعم من 21 جنيهًا إلى 50 جنيهًا للفرد، يحمل العديد من الرسائل الواضحة والصريحة، مشيرًا إلى إن السيسي لديه إصرار على رفع الوعي لدى الشعب، وإعطاء كل ذي حق حقه، واتباع سياسة الاحتواء والابتعاد عن سياسة المسكنات في قضايا الدولة والمواطن.
وأوضح وزير التموين، أنه على الجميع أن يعي جيدًا حجم الموقف والمشكلة التي تواجه الدولة، وخاصة في الإصلاح الاقتصادي، أيا كانت فاتورة هذا الإصلاح.
زيادة سريعة
ولم تمر ساعات على تصريحات وزير التموين حتى خالفها سريعا، حيث أعلن الدكتور علي مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، أنه تقرر أن يتم بيع السكر في مقررات التموين اعتبارا من الشهر المقبل بسعر ١٢ بدلا من ١٠ جنيهات، والزيت بـ١٤ جنيها بدلا من ١٢ جنيها، وذلك لعلاج التشوهات السعرية، حسب قوله.
وقال وزير التموين والتحارة الداخلية، في مؤتمر صحفي بمقرمجلس الوزراء، اليوم الخميس، إنه لا بد من الحفاظ على حقوقالمواطنين من خلال الحرص على صرف المقررات التموينية.
متوقعة
واستبعد اقتصاديون حقيقة تصريحات وزير التموين، حيث توقعوا زيادة جديدة في الأسعار الفترة المقبلة.
وفي هذا السياق أوضح الدكتور شريف الدمرداش، المحلل الاقتصادي، في تصريحات صحفية، أن زيادة الأسعار في شهر يوليو القادم ستكون كبيرة، مشيرا إلي أن قرار رفع دعم الفرد في بطاقة التموين إلي 50 جنيه، بعد أن كان 21 جنيه يوضح حجم الزيادة المتوقعة، وأنها ستكون كبيرة للغاية.
ومن جانبه، قال طارق طنطاوي، رئيس المجمعات الاستهلاكية، أن رفع دعم الفرد الي 50 جنيه، لا يهدف إلي زيادة ما يحصل عليه المواطن من سلع، ولكن هدفه أن يحصل على نفس الكمية دون أن تقل، موضحا أن هذه الزيادة لتغطية فرق زيادة الأسعار فقط.
وأكد طنطاوي في تصريح صحفي: «المواطن اللى كان بيشتكى لما كان الدعم 15 جنيه حيفضل برضه يشتكى لما يبقى 40 ولا 50 جنيه.. والدولة كمان ح تشتكى من إن الدعم تضاعف ولازم تزود الضرايب والرسوم والوقود والكهرباء».
و
خديعة كبرى
وقال الكاتب الصحفي ونقيب الصحفيين الأسبق ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة «الأهرام» الأسبق، إن ما حدث من زيادة الدعم للأفراد على بطاقات التموين هو خديعة كبرى من نظام السيسي تجاه الفقراء.
وأضاف -خلال تدوينة له على صفحته الرسمية بموقع «فيس بوك» اليوم الأربعاء- «حتى لا ننخدع بقرار زيادة دعم الفرد بالبطاقات التموينية إلى 50 جنيها، نذكر أن مخصصات الفرد بالبطاقات التموينية قبل الانقلاب كانت: 2 كيلو سكر، 2 كيلو أرز، كيلو ونصف زيت، وبحساب تلك الكميات القديمة بأسعارها بالبطاقات التموينية حاليا والبالغة 8 جنيهات لكيلو السكر، و5.6 جنيه لكيلو الأرز، و12 جنيها لعبوة الزيت زنة 800 جرام أى أن الكيلو تصل قيمته إلى 15 جنيها».
وتابع: «فبحساب قيمة الكميات القديمة للفرد بالأسعار الحالية نجدها: 2 كيلو سكر×8 جنيه= 16 جنيه، وكيلو ونصف زيت × 15 جنيه = 5.22 جنيه، و2 كيلو أرز×5.6 = 13 جنيه، أى أن مجموع قيمة الكميات القديمة للفرد بالأسعار الحالية بلغت 5ر51 جنيه، بخلاف جنيه للبقال التموينى كرسوم».
واستدرك الولي: «هكذا فإن الخمسين جنيه الجديدة لم تكف لتدبير المقررات التموينية القديمة والتى ظلت حتى وزارة الدكتور باسم عودة، بل حتى مع أول وزير تموين بعهد الانقلاب قبل تولى خالد حنفى الذى غير المنظومة وزاد الأسعار».
وقال الولي: «ونظرا لرفع أسعار السلع التموينية عدة مرات فالمهم لدى الفقراء هو تثبيت أسعارها ، فقد كان سعر كيلو الأرز 5ر1 جنيه وزاد الى 5 جنيه ثم إلى 5ر6 جنيه، وكان سعر كيلو السكر 25ر1 جنيه ثم زاد إلى 5 جنيه ثم إلى 7 جنيه ثم إلى 8 جنيه، وكان سعر كيلو الزيت -كيلو وليس 800 جرام كما هو حاليا- 5ر1 جنيه ثم زاد إلى 25.8 جنيه ثم إلى 15 جنيه للكيلو (12 جنيه للعبوة 800 جرام)».
وأكد أنه «إذا جرت زيادات جديدة بأسعار السلع التموينية، فسوف تبتلع الزيادة فى قيمة الدعم للفرد، فالمهم لدى الفقراء الحفاظ على كمية السلع التموينية، لأن عدم تثبيت السعر يعنى تآكل قيمة الدعم ونقصان الكميات التى يمكن شراءها بقيمة الدعم عمليا».