شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الإسلام .. وليس الإسلاميون – هيثم صلاح

الإسلام .. وليس الإسلاميون – هيثم صلاح
  تصدر الإسلاميون المشهد منذ اندلاع الثورة , وفي القلب منهم جماعة الإخوان المسلمين . كانوا القوى السياسية الأكثر...

 

تصدر الإسلاميون المشهد منذ اندلاع الثورة , وفي القلب منهم جماعة الإخوان المسلمين . كانوا القوى السياسية الأكثر تنظيما في الشارع , و مثلوا قطاعا كبيرا من المعتصمين في الميدان طوال الثمانية عشر يوما . كل الأطراف التي كانت معنية بالشأن المصري منذ بدأ الأمر كانت تعلم هذه الحقيقة لذا بدأت تتعامل مع الإسلاميين كعامل أساسي في إعادة ترتيب الأوضاع . و قرئ هذا التعامل من قبل القوى السياسية المناوئة للإسلاميين على أنه تواطؤ مع المجلس العسكري الذي أمسك بزمام الحكم بعدما نحى مبارك وبدأوا في نشر هذه القراءة على مدى واسع و تدعيم هذه الفكرة في كل فرصة .

 

بالتأكيد كان للإسلاميين حساباتهم الخاصة للمرحلة و التي لم يشركوا فيها الآخرين , كانت لهم تفاهماتهم مع كل الأطراف سواء الداخلية أو الخارجية باعتبار حجمهم و تأثيرهم و طبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد و كانت لهم على أساس هذا – بالتأكيد- طريقتهم في إدارة الأمور و مواقفهم الخاصة . دعم الإسلاميين خطة التعديلات الدستورية الأولى و بناء المؤسسات قبل إقرار الدستور فسر هذا على أنه شغف بالسلطة و رغبة بالاستحواذ قبل أن تستعد بقية الأحزاب . وقعت أحداث محمد محمود و سالت الدماء على يد عناصر من الشرطة و الجيش و مع ذلك لم تشارك القوى الإسلامية رسميا أو حتى فعليا بقوتها في الاحتجاجات التي كانت على وشك التحول إلى ثورة جديدة ضد المجلس العسكري و مرة أخرى كان هذا في أعين السياسيين الآخرين مشاركة في دماء من سقطوا ثم جاء حل البرلمان بعدها ليصور الإسلاميين كالمخدوعين من قبل المجلس العسكري الذين باعوا كل شيء من أجل برلمان يحله العسكريون بجرة قلم .

 

و عاد الإخوان المسلمين عن موقفهم بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية و كان هذا نقطة بداية تصاعد الحملة الإعلامية الشرسة ضدهم التي صورتهم على أنهم النظام المستبد الجديد الذي استحوذ على كل شيء من برلمان و رئاسة و جمعية تأسيسية و يريد كتابة دستور لحسابه . كانت هذه تفاصيل ما بنيت عليه حملة تشويه منظمة من قبل من كان يهمه ألا يستقر الأمر تحت حكم الإسلاميين , لا أقول كل من عارض الإسلاميين كان كذلك .. بالطبع لا فهناك من عارض طريق الإسلاميين على أسس ثورية وطنية و لكن هناك من استطاع استغلال الوضع جيدا … حتى رأينا مرشح النظام المخلوع يحصد عشرة ملايين صوت في انتخابات الرئاسة !!

 

يجادل الإسلاميون في مواجهة كل هذا بطرح بسيط … مواجهة الإسلاميين الواسعة مع المجلس العسكري كانت تعني احتراق البلاد و بالتأكيد لا يوجد من يرغب بهذا , و هذا دفعهم إلى إدارة الأمور بهذه الطريقة و تحمل كل الآثار الجانبية . و الحقيقة أن هذا المنطق قوي و تظهر الأمور يوما بعد آخر فإننا نحصد كل يوم بالسياسة مما نشبت الثورة من اجله ما كنا نحصده بالثورة في وقت أقل نعم و لكن بثمن أكبر و نتائج غير مضمونة . تستمر الحملة في مؤسسات الإعلام التي تنتمي لرموز النظام السابق بنفس المنهج … استغلال كل عثرات المرحلة الانتقالية والمواجهة الشرسة مع القضاء الفاسد بالذات لقضم جزءا وراء آخر من شعبية الإسلاميين و قدرتهم على حصد الأصوات في أي انتخابات قادمة في حين تنظم القوى العلمانية نفسها استعدادا ليوم يسقط فيه الإسلاميون . لم يقل الإخوان المسلمون يوما أنهم ملائكة لا يخطئون و لم يكن الوضع الذي مرت به مصر لعبة محفوظة كي لا يقعوا في أي أخطاء و إنما كان جديدا على الجميع … و كان الإسلاميون الأكثر أعباء بحكم حجمهم الكبير و تأثيرهم العميق .

 

حاولت هذه الحملة أن تربط دائما و بشكل غير مباشر أو مباشر بين أخطاء الإسلاميين و صلاحية المنهج الذي يمثلون للحياة في مصرنا هذه .. و وقتنا هذا . انسحبت هذه الأخطاء – للأسف الشديد – في أذهان العديد من المصريين على الإسلام و باتوا مستعدين حتى لانتخاب من يمثل النظام السابق بكل مساوئه للبعد عن الإسلام و الإسلاميين . إن الإسلام دين غالبية المصريين بكل ما يحمله من قواعد تنظم كافة شئون الحياة واجب علينا إتباعه لأن هذه عبادتنا لله عز و جل . هذه العبادة هي ما خلقنا من أجله و لا يمكننا أبدا التخلي عنها فلن تنفعنا حجة أخطاء من يحمل الإسلام حاليا أمام الله عز و جل إذا فعلنا . هذا ما يجب أن يتنبه إليه المصريون ف"عقاب " الإسلاميين على أخطائهم لا يمكن أن يكون بانتخاب من يريدوا أن يتوافق الدستور مع" القواعد الآمرة للقانون الدولي " و يفقدونا استقلالنا و يعولموا هويتنا .

 

الإسلام أصل حياتنا لا يمكن أن يخضع لتقلبات السياسة إنما هو الثابت الوحيد و كل شيء يغير في إطاره . إذا كان الفصيل الذي يحكم الآن و يرتكز على المرجعية الإسلامية لا يلبي طموحات الشعب المصري فليستبدل فصيلا آخر يتبع المرجعية الإسلامية به . فلا يمكن أن يقبل الشعب المصري أن يتوقف عن عبادة الله عز و جل بعدم تحكيم شرعه سبحانه و تعالى في الحياة السياسية و تسليم الأمور في النهاية لمن لا يعترف بسلطان الله على القوانين و إنما يعترف فقط بسلطان القانون الدولي . يجب ان يعلم الجميع أن الفصائل الإسلامية ليست من المقدسات و لكن حكم الإسلام غير قابل للتفاوض .. هكذا تقول إرادة الشعب المصري



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023