شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تمايز عن تحيز د.عبد المجيد بوشبكة في تقيمه للشان التركي

تمايز عن تحيز د.عبد المجيد بوشبكة في تقيمه للشان التركي
  في انحياز غير موفق ضد الطيب رجب أردغان رئيس وزراء تركيا المنتخب في مواجهته لما يحاك ضد بلاده من...

 

في انحياز غير موفق ضد الطيب رجب أردغان رئيس وزراء تركيا المنتخب في مواجهته لما يحاك ضد بلاده من الداخل والخارج، كتب الدكتور عبد المجيد بوشبكة مقالا ينم عن كثير من الإختزال وكثير من القفز على حقائق التاريخ ووقاع الحاضر، مستعملا في ذلك بطريقة غير موفقة أيضا صفتيه العلمية والسياسية والحزبية لأضفاء شرعتية دينية وسياسية على كلام غير دقيق وتحليل غير صائب واستنتاج متسرع من حيث عجز يضفيها عليه بالتحليل الملموس للواقع الملموس.
 
هذا المقال سعى على الرفع منم "التوازنات القائمة في المنطقة" إلى مستوى القدر المقدور واستكثر على بلد من حجم تركيا أن تطمح إلى إيجاد موقع ودور أكبر مما رسم لها من قبل القوى المهيمنة وفي ذات الوقت لم يجد غضاضة في الإشادة بما قامت به إيران فيما صادره عن تركيا.
 
وفي ذات المقال أيضا وهو الأهم تم شن غارة غير منصفة على رجل تركيا القوي ومنقدها من الإستبداد والفساد، ليس بناء على تقييم موضوعي لانجازاته السياسية أو اختياراته الاقتصادية أو لحصيلة مواقفه المبدئية وعلى أدائه الدبلوماسي أو على مستوى نوع الحلول التي قدمها لحلحلة معضلات تركيا السياسية الداخلية والخارجية، بل تم تأسيس هذه الغارة على تصريح مجتزأ لم يدرك السيد عبد المجيد دلالاته سواء الشرعية أو السياسية .
 
وفي هذا المقال سوف نعمل على التفاعل مع ما ذهب إليه الدكتور عبد المجيد بوشبكة في ما حمله لتصريح السيد أردغان مما لا يحتمل وكذا في تشخيصه لما يجري في الشأن التركيعلى أن نختم بالإدلاء بدلونا فيما نراه أسبابا واقعية لما تعيشه تركيا من محاولات لإعاقة تطورها والتشويش على مسيرتها النهضوية.
 
الوضع الدولي يعكس توازنات مرحلية وليس قدرا لا يرتفع
لقد انطلق السيد عبد المجيد من معطى أساسي أكد فيه أن "القوى التي عملت على رسم خارطة التكتلات الدولية، كانت ولا تزال حاضرة بقوة في تتبع رسم هذه الخريطة، مع حرصها الشديد على عدم اختلال موازين القوى المُشكلة لهذه الخريطة" وكأنه يستكثر على رجل تركيا القوي الذي بوأ تركيا مكانة مرموقة في مصاف أقوى الأقتصادات الناهضة في عز الأزمة المالية الدولية،(يستكثر عليه) أن يعمد إلى الرفع من طموح بلاده لكي يغدو لها دور إقليم يتناسب مع وضعها الإقتصادي ومكانتها التاريخية والحضارية وموقعها الجيوستراتيجي وترتيبها في المؤشر العالمي للديمقراطية والتنمية البشرية.
 
كما أنه يصادر عن الرجل حقه في أن يكون له رأي وموقف مغايير لمسار التسلط والطغيان الذي تمارسه القوى المتحكمة في تلكم الخريطة فس سعيها لحماية الإستبداد كأقصر طريق لحماية مصالحها وسياساتها في المنطقة.
 
والمفارقة العجيبة هو أن الدكتور عبد المجيد وهو يشير إلى هذه الخلاصة لم يجد غضاضة في افشادة بالنمودج الإيراني والإشادة بخبرته وحنكته في التعاطي مع هذا الوضع وفرض شروطه في إطار موازينه . فهل أصبح هذا الواقع في فهم الدكتور عبد المجيد قدر مقدورا لا مفر منه ولا فكاك من أسره فقط بالنسبة إلى تركيا؟ أم نسي – وهو أستاذ متخصص في العلوم الشرعية كما حرص أن يؤكد بدون موجب لذلك – أن القضاء والقدر من الله وحده وليس من موازين قوى تحكمها مفاعليل يشتبك فيه الإقتصادي بالأمني والسياسي بالمصلحي، بل أين هو من مسلمات الاعتقاد الديني للمؤمنين التي لا تمنعهم – حسب فهمي ولست متخصصا في العلوم الشرعية – من الفرار من قدر الله إلى قدر الله ومن مدافعة أقدار الله بالدعاء وبالأعمل الصالحة من صدقات وغيرها .
نحن نعلم أن المدرسة الجبرية التي اعتنقها بعض المسلمين ومنها كثير من الزوايا الصوفية هي التي جرت على المسلمين الإستسلام للإستعمار وبعده للإستبداد العلماني كما في تركيا ظنا منهم أنه جزء من الإيمان بالقدر خيره وشره أو على الأقل أنه يدخل في مقتضى الإبتلاء الإلهي في قراءة غير صحيحة لقوله تعالى "وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً (35) سورة الأنبياء "وقوله "وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"الأنبياء 35.
 
ليس التنكب عن الصواب في هذه المقالة المنحازة هو الإقرار فقط بمقدمة والتناقض معها في التحليل للوصول إلى نتيجة محددة مسبقا والبحث لها عنما يسعف من ذرائع وحجج، ولكن وهو الأهم في تلكم الأخطاء المنهجية الفارقة التي سقطت فيها المقالة مدفوعة بمشاعر الحب لأحد أطراف النزاع من حيث كان ينبغي أن يكون الحب دافعا على النصح والتقويم للمحبوب لا تركه في غيه في لحظة تشنج.
 
تعزيز مواطنة الجعفريين الأتراك أولى من تعميق ولاءاتهم الأجنبية
إن المدهش في ما ذهبت إليه هذه المقالة هو إرجاعها لكل ما تتعرض إليه تركيا إلى سنة 2010 واختزال كل ذلك في حدث يتعلق بحضور رئيس وزراء كل الأتراك لفعالية دينية لحد مكونات المشهد الديني التاريخي لتركيا ممثلا هنا في ما اسمته المقالة "بالجعفريين" بل وحصر كل ذلك في مقتطفات من خطاب رئيس الوزراء بهذه المناسبة ليعد في تقديري أغرب منهج في التحليل وفي قراءة التاريخ والواقع معا.
 
فأي بأس في أن يستجيب رئيس وزراء تركيا لمجموعة من مواطني بلده أيا كانت قناعاتهم للحضور في نشاط ينظمونه على مسؤوليتهم، في بلد ما زالت قوانينه علمانية بدون اعتراض او مقاومة حسب ما نعلم من السيد فتح الله كولن ورجال جماعته، ويتمتع فيه الجميع بالمساواة بمن فيهم أصحاب المعتقدات والملل وغيرهم، فما بالك بالمسلمين من أصحاب المذاهب المختلفة. بل أكثر من ذلك ما ذا يضير رئيس الوزراء في تركيا وهو الممثل لجميع المواطنين وليس فقط لمن انتخبه، أن يستجيب لدعوة من جماعة من مواطنيه يدينون بدين آخر غير دينه من قبيل مسيحيي تركيا لحضورهم ومشاطرتهم بعض مناسباتهم في ظل مبدأ عدم التمييز على اساس الدين او الجنس أو اللون؟.
 

هل يشين رئيس وزراء منتخب يحظى بشعبية خارقة ليس في صفوف مسلمي تركيا وحسب، ولكن في صفوف مسيحييها وقطاع عريض من علمانييها وملحديها أيضا، بسبب الأداء الإقتصادي والأداء الوطني والشعور القومي الذي أعاده لتركيا وأعاد معه دورها الإقليمي غير القابل للتجاوز؟.

 

وفي دائرة هذا الفهم فقد سبق لرئيس الحكومة المغربية على سبيل المثال لا الحصر أن حضر مناسبات لمواطنين مغاربة من ذوي الديانة اليهودية ودشن بصفته الدستورية كنيسا لهم تم ترميمه وإعادة فتحه في صورة متحف تحت إسم "صلاة الفاسيين"، فأين يصنف الدكتور الفاضل السيد عبد المجيد هذه الممارسة وهو ينتمي لحزب رئيس الحكومة؟ . أم أنه لا يتفق مع هذه الإجتهادات المعاصرة في الفقه السياسي الإسلامي الحديث، والمؤطر بفقه السياسة الشرعية المؤسس على فقه المصلحة وما خلص إليه من تأصيل لفقه المواطنة والدولة المدنية وغيرهما مما يقول به أبرز علماء السياسة الشرعية والمستمد أصله من أول وثيقة دستورية وممارسة عملية في إطار دولة المدينة التي أرساها الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، وذلك على أساس المواطنة الكاملة في الحقوق والواجبات بين المسلمين واليهود.

 

هل نسي الدكتور عبد المجيد أن من سماهم الجعفريون هم مواطنون أتراك عليهم ما عليهم ولهم ما لهم وأن رئيس الوزراء بحكم مسؤوليته مدعو إلى عدم التمييز بين مواطني بلده، بل ومدعو كذلك إلى سن سياسة ترفع من ولائهم لبلدهم وتضعف أن لم يعمل على التضييق من أي ذريعة تبقي على ارتباطهم بولاءات أجنبية حتى وإن اشتركوا معها في الولاء المبدئي أو المرجعي؟.

وهي سياسة لم يستوعب من يشنع عليها أنها تندرج ضمن اختيار الدولة التركية القوية بقيادة العدالة والتنمية التي تعمل على الدمج الخلاق بين الشعور الوطني والقومي ومتطلبات الإختيار الديمقراطي الذي يعترف بتعدد مكونات الهوية التاريخية والإثنية والثقافية لهذا البلد العريق والمتعدد ويدعم تلاحم هذه المكونات في إطار المقومات الحضارية لتركيا، لكي تقوي من فرص تنافسيتها وإشعاعها وتتأهل لولوج الإتحاد الأوروبي والفعل المأثر في محيطها الأقليمي، بجبهة داخلية متراصة وموحدة ومنخرطة في مشاريع الإصلاح ووفي ذات الوقت تغلق باب الفتن الخارجية ومنافذ التشويش والتدخلالأجنبي في شؤونها.

 

التقييم بين السياسات والتصريحات

هل محاسبة رجل دولة من عيار أردكان يمكن ان يتم على اساس تصريح صدر له في نشاط لأحد مكونات بلده تناول فيه تقييما لأحداث تاريخية غير مقطوع بحيثياتها في سياق السعي إلى فصلها عن ذلك الإستخدام السياسوي والإديلوجي الرامي إلى إحياء النعرات وإذكاء نار الطائفية والتنازع بين الدول فيما بينها وبين الفرقاء في كل بلد على حدة، هل هذا يمكن أن يرقى فعلا إلى مستوى من الخطورة مما كبر في ذهن استاذنا عبد المجيد واسس عليه ما سماه التحول بما مقداره 180 درجة أليس ما يعاب على الرجل خاصة من جماعة الخدمة هو لبسه لقميص كان قد خلعه في إشارة إلى اتخاذه لمواقف ونهجه اختيارات تصالح تركيا مع تراثها العريق بعد أن إطمان على الديمقراطية وحصنها بالمؤسسات والإصلاحات القانونية والدستورية ؟.

 

وإذا ذهبنا بعيدا واعتبرنا تصريحات السيد اردغان صحيحة ليس في سياق سياسة داخلية لاحتواء مواطنين لهم قناعات شيعية داخل البلد، بل وفي حق إيران نفسها هل هذا الفعل يمكن أن يخرج من الملة أو يعد تحولا ب180 درجة؟ أم أنه لا يعدو كونه جزءامن نهج إستراتيجي يسعى لدعم خيار الوحدة بين المسلمين على الأقل على المستوى السياسي ونزع فتيل الصدجام بينهم وعزل الكيان الصهيوني في المنطقة.

 

إن أغرب ما تقفز عنه المسؤول هذه المقالة مستعملة صفة المسؤولية السياسية في حزب العدالة والتنمية المغربي وهي تشن غارة على زعيم حزب العدالة والتنتمية في تركيا هو أن هذا الأخير وهو يصرح بهذه العبارات في مناسبة لبعض مواطنيه كان يمارس على أرض الواقع سياسة استراتيجية مناهضا للمشروع الإيراني الصفوي على أرض العراق كما على أرض سوريا وفي عموم دول الربيع العربي. فكيف دخل الدكتور في جحر التصريحات منقبا لرئيس الوزراء التركي على ما يدينه من شبهة التقرب من إيران ولم يتراء له التناقض في المواقف والسياسات والإختيارات التي كادت تصل إلى المواجهة المسلحة غير المباشرة بين المشروعين على أرض سوريا؟ أين التحليل وأين معلم الواقع ومعلم التاريخ أم ترى أن الدكتور جهز التهمة وشرع يبحث عن مستمسكات لها دون تثبت.

 

هل فات الدكتور وهو المسؤول السياسي أن موقف تركيا من الإنقلاب على صناديق الإقتراع التي اكتوت به بلاده وأخرت تنميتها لأزيد من 40 سنة، هو أحد أسباب محنتها مع الإستكبار العالمي الذي يرعى الإنقلاب على الإرادة الشعبية وتدفع تركيا بهذه القلاقل ثمن موقفها المبد~ي منها ؟ أم تريد منه أن يكون أقل شهامة وتمرد من الإتحاد الإفريقي على تلكم الخريطة المزعومة".

 

لا شك ان الدكتور عبد المجيد وهو ينحاز إلى موقف رجل صوفي وضع يده في يد العلمانية المتطرفة في كل مراحل الإنقلاب على الإرادة الشعبية ولم نسمع له إلا التسليم والإستعداد لتسليم ما بحوزته من مؤسسات إيثارا للسلامة ولم يسجل له التاريخ موقفا إيجابيا من المجازر والمظالم وحملات التنكيل برجالات تركيا وعلمائها وزهادها ووضع نفسه دائما وعلى مر التاريخ المعاصر لتركيا في الصف المعادي للمشروع الإسلامي الحديث لتركيا ولبرنامج نهوضها وانعتاقها من ربقة التبعية والتخلف الذي أدخلتها إليه العلمانية المتطرفة.

وكم وددت ان اقرا للدكتور عبد المجيد دراسة شرعية لمسلكيات جماعة النور العقدية والدينية قبل ان يعرض تصريح سياسي في مناسبة لطائفة تركية على النظر الشرعي.

 

في أسباب ما يجري بتركيا

لا يسيدي عبد المجيد تركيا مستهدفة لسباب اخرى لا علاقة لها بما أوردتم في مقالكم فهي مستهدفة أولا بمستوى نموها المضطرد وبدورها الإقليمي المتصاعد وبمواقفها التي جمعت في توليف بديع بين الإنحياز للمبادئ مهما كانت التكلفة والحس البراغماتي والتدبير السياسي الذي يجعل مصالح تركيا تعلو على الحسابات الشخصية والحزبية.

 

ولذلك فهنالك أكثر من سبب لما يجري في تركيا بصرف النظر عن تقييمنا لحجمه ومداه. وهي أسباب منها ما هو استراتيجي حضاري وتاريخي وجيوستراتيجي ومنها ما هو ظرفي اقتصادي وسياسي داخلي أوخارجي.

 

في الأسباب الإستراتيجية

وإذا كان السيد عبد المجيد مولعا بالتاريخ فعليه أن ينقب في سجلاته الغابرة عن دور تركيا سلما وحربا مع القوى المتحكمة اليوم في تلك المعدالة الأقليمية والخريطة المرسومة وفي توازناتها، وإن أعوزه الدليل فليرجع إلى حاضر السياسات التركية الراهنة في التعامل مع الوضع الداخلي والإقليمي والدولي.

أما قناعتي فميا يجري من محالة لتعويق النموذج الإسلامي الأكثر نجاحا في الحكم بعد الإطاحة بنماذج في مصر ومحاولة تشويه أخرى في غزة أو في تونس أو المغرب فيمكن إجماله في الأسباب التالية :

1- السبب الأول حسب رأيي المتواضع هو بداية خروج تركيا عن وضعية الرجل المريض الذي ورثته بعد الحرب العالمية الأولى وبداية تحولها إلى قوة إقليمية منافسة ومتفوقة على الكيان الصهيوني في الشرق الأوسط، بل وإلى قوة منافسة في الفضاء الأوربي خاصة لفرنسا ثم بداية خروجها عن الإملاءات الأمريكية فيما يخص سعيها إلى إعادة ترتيب الوضع الأقليمي في مطلع الألفية الحالية، وذلك باتخاذها لأول القرارات في عهد تركيا الديمقراطية عندما رفض الإنصياع للإدارة الأمريكية وهي بصدد غزو العراق في استعمال أجوائه من قبل الحلف الذي تنتمي إليه بلاده حيث أنتج تدبيره السياسي الرشيد استثمارا حكيما للإرادة الشعبية التي يمتن لها وحدها في تحمله لتلك المسؤولية، ونحج في جعل الضغوط الخارقة لأمريكا بيد البرلمان الذي رفع من سيادة البلد ورفض السماح باستخدام أجوائه لضرب بلد مسلم، هذا هو الفقه وهذه هي السياسة الشرعية والتدبير السياسي الديمقراطي وهو سبب استهدافه سابقا وراهنا ومستقبلا وسبب المآمرة عليه في البدإ وفي المنتهى.

2- السبب الثاني هو المواقف التي اتخذته تركيا من الحراك العربي وحيويتها في دعم الثورة في بلدان الربيع العربي وفي رفض الإنقلاب على الإرادة الشعبية بها، مما أغرى البعض بالسعي إلى نقل مخاض هذا الربيع إليها والعمل على تفجير التحالف الحاكم فيها وذلك بإعطاء الأوامر بسحب أحخد مكوناتها ممثلة في جماعة الخدمة التي تريد الإستاثار والهيمة على كل شيء تبقى شرعيتها محل نظر وفي حاجة إلىتقييم شرعي حقيقي، وذلك بعد فشل المحاولات السابقة على إثر الإحتجاجات المصطنعة في وقائع الحديقة المعروفة،

3- السبب الثالث هو الموقف من الكيان الصهيوني ليس فقط في حادثة انتهاك سيادة البلد وقتل 9 شهداء في هجوم على سفينة مرمرة في عرض المياه الدولية والتي أجبر الكيان الصهيوني بسببها على الإعتذار واصبح يخطب ود تركيا بعد أن كانت ذيلا تسير في ركابه وتتوسل المعونات العسكرية والإقتصادية منه، بل منذ أن مسح الطيب اردغان الأرض برئيس دولة هذا الكيان في مؤتمر دافوس على وقع والمذابح الجرائم الحرب المرتكبة في حق أطفال غزة وفلسطين ووهو الموقف الذي دفع آلآلاف الأتراك إلى الحج إلى المطار لاستقباله وتحيته بعد ان رفع رأسهم في هذا المحفل ولم يخرج عن هذا المزاج الشعبي سوى السيد فتح الله كولن الذي نجهل إلى غاية الآن الميزان الشرعي أو التقدير السياسي الذي يزن به مع كامل إحترامنا لقناعاته .

هذا الموقف وأضرابه هو بداية التحول لدى السيد أردغان من رجل يمثل الأغلبية الحاكمة إلى رجل الدولة الممثل لكل تركيا ولأجيالها السابقة والاحقة ولجميع أطيافها.

4- السبب الرابع هو السعي لإعاقة النموذج الناجح في تدبير تركيا بقيادة أردغان لمعضلة الإنفصال وتمكنه من إغراء الأكراد بخيار الشراكة في الوطم الموحد مع كل الأتراك في دولة موحدة وقوية بدخل قومي يعادل نظيره في الدول الكبرى في مقابل خيار الإنفصال بكيان ضعيف ومتنازع مع محيطه وجواره وهو ما سيؤهل تركيا للتفرغ لمواجهة قضايا وتحديات أهم إذا ما ادخرت الجهود والإمكانات التي تبددها هذه القضية.

5- السبب الخامس هو التوجس الفرنسي التاريخي من تركيا وما اضطرت إليه من تدخل مؤسساتها الدستورية العليا لإيقاف إرادة برلمانها في سعيه لتجريم المس بما اسماه مذابح الأرمن على وقع الإصرار التركي على رفض هذا الابتزاز إلى جانب المناكفة التي تباشرها فرنسا في ملف انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوربي وهي معطيات تعد من أقوى الأسباب التي يمكن ان تتسبب لتركيا في عداء محيطها وجوارها .

6- السبب السادس يتعلق بمستوى التنافسية الاقتصادية وحجم تنافسية المقاولة المدنية والعسكرة التركية في سوق الصفقات الدولية في مناطق النفوذ التقليدي لبعض القوى الإستعمارية وخاصة في عمق وشمال إفريقيا.

 

 

الأسباب الظرفية

وفي هذا النوع يمكن التمييز بين الأسباب التالية :

1- السبب الأول يعود إلى الخلاف الذي لم يعد خافيا على الأقل قبل سنتين بين مكونات التحالف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية بسبب نزوعات الهيمة المتصاعدة لجماعة كولن خاصة في السيطرة على مفاصل الدولة وتوجيه المؤسسات والإدارات خارج القنوات الرسمية وتشكيل بؤر ومراكز نفوذ خارج البنالء المؤسساتي والدستوري للدولة.

وهي القضية التي ترجع إلى قضايا فكرية في علاقة الدعوي بالسياسي وعلاقة الحزب بمؤسسات الدولة عندما يكون في الحكم أو عندما يكون في المعرضة.

وهذه القضية تحتاج على نقاش في ضوء التجارب المعاصرة لعدد من الإتجاهات التي تعاقبت على الحكم في البلاد العربية والإسلامية، لكن ما أريد ان انبه إليه هو أن السيد بوشبكة ينتمي إلى تجربة تقول بالتمايز بين الدعوي والسياسي ولا تتدخل هيئات الدعوة في هيئات العمل السياسي ولا تملي عليها ما تقوم به في مؤسسات الدولة وأحرى به ان يكون ذلك موجها له في الخلاق القائم اليوم في تركيا والذي يرجع في جوانب كثيرة منه إلى هذه القضية الحساسة.

2- السبب الثاني يتعلق بالسياسة الحزبية في استقطاب الكفاءات من خارج مكونات التحالف وذلك بعد أن عمد السيد أردغان إلى سن منهج لاستقطاب أبرز الكفاءات الاقتصادية والتقنوقراطية والاقتصادية والأكاديمية إلى حزب العدالة والتنمية الذي أصبح حزبا لغالبية الأتراك ومعبرا عن مشروعهم المجتمعي سواء تلك المنتمية لبعض الأحزاب أو من خارجها وذلك لتعزيز رجالات الدولة بكفاءات جديدة، ومن بين هؤلاء المستقطبين يوجد بعض رفاق دربه في حزب السعادة والاحزاب المنبقة عنه، شأنها شان باقي الأحزاب التي ينتقي منها أقوى الرجالات ليتحملوا معها عبء تدبير تركيا الجديدة وقيادة انتقالاتها وهو ما بدأ يتضايق منه حلفاؤه القدامى الذين قد يعتبرون ذلك مسا بوضع جماعتهم في التحالف الحاكم وانتقاصا من حظوظ استفادتها منه.

3- السبب الثاني يهم حمى التنافس السياسي والحزبي والسباق الإنتخابي الرامي إلى فرز خريطة سياسة جديدة يأمل خصوم حزب العدالة والتنمية أن تنهي هيمنة حزب العدالة والتنمية أو على الأقل رهن سيطرته المرتقبة بالتحالف مع أحزاب أخرى .

 

 

والخلاصة هي أن ما يجري هو أحد مفردات ما جرى في مصر بالإنقلاب وما كان مرتبا ليجري في كل من ليبيا بدفع حملة السلاح إلى الإقتتال وفي تونس بالإغتيالات وفي المغرب بتفجير التحالف الحكومي.

 

والسؤال الذي ينبغي أن نجيب عنه بصراحة هو هل قدر الإرادة الشعبية في بلدان الربيع العربي أن تواجه طابروا خامسا يأخذ شكل تيار سلفي في مصر تونس ويتمظهر في إتجاه صوفي في تركيا ويتمظهر في زعامات الإفساد بالمغرب.

 

اعلم أن بعضا من إخواننا ممن اتيحت لهم فرصة الإطلاع على تجارب بعض الجماعات التركية ومن بينها جماعة الخدمة وباقي الجماعات المنبثقة عن الحركة النورسية قد افتتنوا ببعض مسلكياتها وكانوا ضحية لمفعول السياسة التسويقية المحكمة لرجالاتها ودفعهم ذلك إلى الإنبهار إلى حد المبالغة في رفع شخوصها وأعمالها فوق الميزان الشرعي إلى درجة أعتبارهم "آخر الفرسان" بل وغيروا من قناعاتهم ومواقفهم إزاء عدد من القضايا فدخل إليهم البعض سلفيا وخرج صوفيا وعرفهم رافضا للوساطة في الفكر والتربية وخرج متوسطا لشيخم وشهد جمعهم مشنعا على الشخصانية والمشيخة ولم يبرح مكانهم حتى صارا موردا مطاطا الرأس عند شيخ لم يره ولم يجالسه ولله في خلقه شؤونه وبعضم لبس الطاقية الخضراء وطلب الأوراد وهذا من حقهم لكن من حقنا ايضا مناقشتهم في هذه المسلكيات وتلك المواقف

 

وأخيرا فإني أكتبت هذه الكلمات القصيرة بغرض واحد هو التمايز عن تحيز الدكتور عبد المجيد في موقفه من تفاعلات الشان التركي لسبب وحيد هو أنه وقع بصفة نشترك فيها معه ولا نريد ان يسحب علينا موقفه وإلا فإن الموقف الذي ينسجم مع منهج حركتنا التوحيدي هو القيام بجهد للنصيحة وإصلاح ذات البين ومنع تفاقم الشقاق للمصالحة أو على الأقل المتاركة إذا بلغ الخلاف حدا يصعب معه إنجاح الصلح .

 

أكتبت أيضا هذه المقالة تفاديا لترك المغاربة ممن لهم تعاطف مع حزب العدالة والتنمية أمام رأي وحيد عبر عن وجهة نظر شخصية ولا تعبر عن الصفة الموقع بها المقال المذكور وفي ذات الوقت اعبر عن رايي الشخصي ولا ألزم به أحدا.

وكل أملي أن يفيق المنخدعون في سياسة التسويق التي تنهجها بعض الجماعات التي نحترمها رغم قناعتنا بخطإ مسلكها وبكونها تنخرط في المآمرة على بلادها بوعي أو بدونه.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023