شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هون عليك يا أستاذ هويدي ـ د.جمال عبد الستار

هون عليك يا أستاذ هويدي ـ د.جمال عبد الستار
  قرأت مقال الأستاذ الكبير والكاتب الأريب الأستاذ فهمي هويدي، بعنوان "ليحسم الإخوان موقفهم من العنف والإرهاب"،...
 
قرأت مقال الأستاذ الكبير والكاتب الأريب الأستاذ فهمي هويدي، بعنوان "ليحسم الإخوان موقفهم من العنف والإرهاب"، والذي يُطالب فيه الإخوان بهدنة من طرف واحد.
 
 
وبدايةً أقول: لا يُنكر عاقل مقام ومكانة الأستاذ هويدي، وانحيازه للحقوق والحريات، ودفاعه الدائم عن هوية الأمة على مدار عمره المبارك، ولكن لا يمنع هذا بحال أن نتحاور حول عرضه الأخير ومقاله المُثير، وليسمح لي الكاتب الكبير أن أقول، إن المنطلقات التي ساقها ليُبرر مطلبه في بداية المقال، لا تصلح لإتمام الحوار، بل فليسمح لي أن أقول، إنها لا تسمح لإكمال قراءة المقال، وذلك لأنه قال:
 
 
"العامل الثاني: إن مصر مُقبلة على انتخابات رئاسية.. أيًا كان رأينا في عناوينها وتفاصيلها فإنها تمثل استحقاقًا نريد أن نستثمره، بحيث يُصبح عنصرًا إيجابيًا يُصحح المسار ويُعيد إلى السياسة اعتبارها؛ أملاً في أن يُساعد البلد على اجتياز الفترة العصيبة المقبلة، التي تتعرض فيها مصر لضغوط اقتصادية".
 
 
فإذا كان "الأستاذ" يرى أن الانتخابات الرئاسية استحقاقاً انتخابياً يُريد أن يُكمله ويستثمره، فإني أتعجب سائلاً: أي استحقاق هذا يا أستاذ هويدي؟ وما الذي تريد أن تُكمله وتستثمره؟
تريد أن تُكمل تدمير مستقبل البلاد كما دمَّروا من قبل ماضيها وأفسدوا حاضرها! تريد أن تستكمل منظومة القتل والقهر والطغيان!
 
 
تريد أن تستكمل عسكرة الدولة في كل مجالاتها، وهدم أركانها وتقويض بنيانها، بالتبعية المهينة خارجياً، وتضييع مؤسسات الدولة داخلياً!
 
 
تريد أن تستكمل اختطاف الرئيس المنتخب الأسير، وتجميد دستور الشعب الكسير، وتعطيل برلمان البلد الكبير!
 
 
تريد أن تستكمل قمع الحريات، وفتح المعتقلات، وقتل الشباب واغتصاب البنات!
 
 
يا أستاذي الحبيب لسنا في زمن الكتابة والبيان، نحن في زمن القتل والإجرام، فهل تحتاج البلاد إلى أن يتبرأ الإخوان من الدماء؟! 
 
 
فمن ضغط إذاً على الشباب من أول لحظة وأعلنها "سلمية أقوى من الرصاص"؟!
 
 
ومن رشد حماسة الشباب في النهضة ورابعة حتى تلقوا للأسف رصاص الغدر بصدورهم العارية؛ حماية لبلادهم وليس حرمة أو مكانة لقاتلهم!
 
 
من حمى مصر من حرب أهلية خطط لها العسكر من أول لحظة وأعلنوها واضحة مدوية: أنتم شعب ونحن شعب، لكم رب ولنا رب؟ فلولا توفيق الله ورشد الإخوان لتحولت البلاد إلى بحار من الدماء وجبال من الأشلاء؟
 
 
من حمى مصر من حرب عسكرية ومواجهة مسلحة تمناها العسكر وسعوا إليها، ولكن الإخوان جاهدوا من أجل حماية البلاد من هذا المصير، وإن كان ثمن ذلك دمائهم، وأموالهم وأولادهم، بل وصل الأمر إلى أعراضهم! فعن أي بيان سيدي تتحدث وعن أي هدنة سيدي تتكلم!
 
 
فهل نطالب آلاف المقتولين غدراً أن يتوقفوا عن القفز إلى ذاكرتنا، والتسلل إلى أحلامنا، أو أن يتوقف طيفهم الغالي عن المرور أمام أعيننا؟!
 
 
أم أن الهدنة تطالب الأمهات الثكلى بالكف عن الحنين في دجى الليل الحزين، أو أن تُمسك الدمع الغزير حتى لا تزعج معالي المشير!
 
 
أم أن الهدنة أن يتوقف عشرات الآلاف من قادة الإخوان في السجون وشباب مصر في المعتقلات عن التأوه أثناء التعذيب، أو الشكوى من صور التنكيل والتأديب، أو الانزعاج من قضاء الإعدام العجيب!
 
 
 أم أن الهدنة تتمثل في عدم التأفف من اغتصاب البنين والبنات، وسفك الدماء وانتهاك الأعراض، ومصادرة الأموال والممتلكات! أم أن الهدنة في أن يُحرق الشباب ويقتلوا في سيارة الترحيلات ثم نقدم التحية لرجال الأمن أن تفضلوا على إخواننا بشرف الخنق وفضيلة الإحراق!
 
 
أم أن الهدنة أن يتوقف الشباب في الجامعات عن حلمهم بالحرية، وأن يستقبلوا رصاص الغدر في رؤوسهم وعيونهم بنفوس رضية، حتى تتمكن النخبة سيدي من استثمار الاستحقاقات الرئاسية!
 
 
عجيب أن تقول سيدي: "قضيتي الأساسية هي حسم الموقف من العنف والإرهاب أيًا كان مصدره.. أدري أن الإخوان ومعهم تحالف الشرعية أصدروا بيانات كما عبروا عن تصريحات بهذا المعنى فى مناسبات سابقة إلا أنها لم تكن حاسمة ولم تصدر عن قيادات الجماعة..".
 
 
فما هو الموقف الحاسم للمظلوم الأسير؟ وما هو الموقف الحاسم للمقتول المغدور، وما هو الموقف الحاسم من العنف حينما يتلخص الموقف في إشارات ربعاوية أمام طائرات حربية، وصدور عارية أمام مدرعات عسكرية، وهتافات صوتية أمام قنابل غازية!
 
 
أخيراً أقول: إن إدانة العنف والتدمير بالنسبة لنا موقف شرعي وليس موائمة سياسية.
 
 
أستاذي إذا لم يسع المسلم أن يقول للظالم يا ظالم فلا خير فيه، هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منهم".
 
 
أستاذي إذا لم يتمكن الإنسان من قول الحق فيكفيه أن يصمت لا أن ينصر الباطل.
 
 
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى..
 
 
 
 
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023