شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

المشاركة في انتخابات الدم من شهادة الزور – رمضان الغريب

المشاركة في انتخابات الدم من شهادة الزور – رمضان الغريب
  الراقب للحالة المصرية في أحداثها لا يغيب عنه إذا تأمل أدنى تأمل أن الصراع فيها ليس صراعا سياسيا وإن كانت...

 

الراقب للحالة المصرية في أحداثها لا يغيب عنه إذا تأمل أدنى تأمل أن الصراع فيها ليس صراعا سياسيا وإن كانت السياسة جزءا منه, وليس صرعا بين جماعة وجيش وإن كانت الجماعة والجيش من أطرافه ,وليس تناحرا على كرسي وإن الكرسي رمزا من رموز الانتصار فيه بل الصراع صراع ديني بين حق وباطل بين طلاب الحرية ومعتادي العبودية, صراع بين الاستبداد والاستعباد وبين العزة والكرامة، وهي سنة من سنن الله في التاريخ وقانون من قوانين الله في الاجتماع وناموس من نواميس الله في عباده أن يظل الصراع بين الحق والباطل دائما ما دارت على الأرض حياة وأحياء، مادام هناك حق وباطل، وخير وشر وحزب للرحمن وحزب للشيطان فسيظل الصراع دائرا ما دارت على الأرض حياة وأحياء.

 وانتخابات الرئاسة المصرية مشهد من المشاهد الهزلية التي يريد طلاب العبودية وراغبو الاستكانة أن يمرروا بها باطلا وزورا ما يريدون، ويلبسوا بها ومن خلالها بين الحق والباطل، ويلبسوا على الناس من البسطاء مشهدا من مشاهد الزور, والله تعالى يقول في صفات عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) (الفرقان:72)

وإذا تتبعنا معنى الآية الكريمة وجدنا أنها تكاد تجسد المشهد بلا لبس ولا التواء، وتبينه بلا غبش ولا خفوت, وتلك ناحية من نواحي الإعجاز القرآني، أنك تقرؤه وكانه نزل الآن يعالج مشكلات الناس وحياتهم.

يقول الإمام الطبري وهو شيخ المفسرين: وَأَصْلُ الزُّورِ تَحْسِينُ الشَّيْءِ , وَوَصَفُهُ بِخِلَافِ صِفَتِهِ , حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَى مَنْ يَسْمَعُهُ أَوْ يَرَاهُ أَنَّهُ خِلَافَ مَا هُوَ بِهِ … وَالْكَذِبُ أَيْضًا قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ , لِتَحْسِينِ صَاحِبِهِ إِيَّاهُ , حَتَّى يُظِنَّ صَاحِبَهُ أَنَّهُ حَقٌّ , فَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الزُّورِ.):جامع البيان ط هجر (17/ 523).

ومن معاني الزور الذي نفته الآية عن عباد الرحمن: أنه مجالس السوء، كما قال بذلك ابن أبي حاتم في تفسيره: (8/ 2738).

وهل هناك مجالس للسوء أكثر من مجالس الرقص للكبير والصغير, والرجال والنساء، كما شهدنا وشهد العالم كله في كل ما مضى,

وقالوا من معاني الزور: أي الكذب. وهل هناك كذب أكثر من الشهادة للسفاح بأنه ولي أمر وتصلح به الأمة، وإن قلت نشهد لغيره أو نبطل صوتنا فهذا في ذاته إعانة للظالم على تمرير غطاء رسمي لما يفعله في عباد الله من المصريين مسلمين ونصارى، من قتل للأبرياء وسفك للدماء واغتصاب للأعراض، وتشريد للبرءاء، وإبعاد للعلماء وأهل الدين.

ويبين المنتصر الكتاني مفهوم الزور بما يرفع اللبس ويوضح القضية لمن كان له قلب فيرى أن أصل الزور: تلبيس الباطل بلباس الحق المزخرف بالقول أو بالعمل، كما تزور المرأة القرعاء شعرها أمام الناس، فتأتي بالشعر فتضعه على رأسها، وكما يزور الأشيب ذو اللحية البيضاء لحيته فيسودها ليوهم الناس أو من يريد الزواج بها إن كانت امرأة أنه لا يزال صغيراً، وهكذا قل عن كل شيء زخرف وغير عن أصله تضليلاً وتزويراً وزخرفة، فكل ذلك يسمى زوراً.

فوصف الله هؤلاء المؤمنين بأنهم لا يحضرون الزور، فلا يحضرون مجالس الفسق، ولا مجالس الغناء، ولا مجالس اللهو، ولا مجالس الباطل.

وأيضاً لا يشهدون شهادة الزور، بأن يري المرء عينه ما لم ترى، ويسمع أذنه ما لم تسمع، فيشهد لزيد أو لعمر مقابل دريهمات وهو لم يسمع ذلك قط، ولم يره قط.

وشهادة الزور من أعظم الكبائر، ولذا عد النبي عليه الصلاة والسلام الكبائر، فذكر الشرك بالله أولاً، ثم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ثم عقوق الوالدين، ثم ذكر شهادة الزور، وكان صلى الله عليه وسلم متكئاً فجلس، فقال: (ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)، وكرر ذلك حتى قال الصحابة: ليته سكت. تفسير المنتصر الكتاني (129/ 2،

 ومن العلماء من تحوط في الأمر حتى نهى عن أي صورة من صور إتيانه فهنا شهد الزور بمعنى: أنه أتاه، أو أنه حضره ونظر إليه، ومن حضره فكأنه فعله، تفسير أحمد حطيبة (124/ 3)

وأخيرا لمن أراد أن يتفكر تعال ننظر في الشكل بعد أن عرفنا الجوهر ولننظر في المظهر بعد أن تناولنا المخبر, هناك علامات تبين أين الحق وأين الباطل:

هل هناك راقصة ﻻ تؤيد الانتخابات

هل هناك ملهى ليلي في شارع الهرم ﻻ يؤيد الانتخابات

هل هناك كنيسة أو قسيس لا يؤيد الانتخابات؟

هل هناك بلطجي لا يؤيد الانتخابات؟

هل هناك أحد من الحزب الوطني لا يؤيد الانتخابات؟

هل هناك واحد من رجال الأعمال الفاسدين لا يؤيد الانتخابات؟

والسلسة تطول….

إلى علماء الأمة:

أما علماء الأمة وفقهاء الدين وطلاب الشريعة فأنا أناديهم من موقع مسؤليتهم الشرعية والدينية أمام الله ومسؤليتهم التاريخية أمام الأجيال القادمة: لا تخدعوا الناس ولا تضلوهم, فالله قد أخذ عليكم الميثاق لتبيننه للناس ولا تكتمونه، وعاجلا أو آجلا سيمكشف الأمر وتبدو الحقيقة لكل ذي عينين، وساعتها لن يفلح من ضلل وخدع, ولا من توارى وسكت, وصدق الأستاذ عصام العطار إذ يقول: إذا غَدَتِ المنارةُ الهاديةُ في البحرِ أداةَ خِداعٍ وتضليل.. فكيف تهتدي بها السُّفُنُ الْمُدْلَجَة، وتنجو بها من الضلالِ والهلاك؟!

والفرصة أمامك أن تكون مع سلطان العلماء أو علماء السلطان

 

 

أستاذ التفسير وعلوم القرآن في جامعة الأزهر

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023