إذا كنت من رافضي الانقلاب وتشاهد قناة الجزيرة فخذ حذرك ولا ترفع صوت التلفاز في بيتك، فلربما يسمعك جارك فيبلغ عنك الشرطة ويتم اعتقالك.
وإذا كنت من كارهي أغنية تسلم الأيادي فلا تبدي ذلك أمام جارك المؤيد للانقلاب، فلربما يقوم بوشاية لدى الشرطة ومن ثم يتم اعتقالك.
وإذا كنت لديك كاميرا تصوير "ديجيتال" فلا تطلع عليها جارك فتثار الشكوك لديه التي بثها العسكر في عقله بأنك قد تكون صحفي أو مراسل للإعلام الرافض للانقلاب فيتم اعتقالك.
وإذا كنت تقتني بالونات رابعة الصفراء فقم بإخفاءها ولا تظهرها أمام جيرانك فقد تكون سببا ًأيضا ًلاعتقالك.
أما إذا ركبت المترو فلا تتحدث بالإنجليزية أمام جيرانك في المترو فقد يكون أحدهم مخبراً فيبلغ عنك شرطة المرافق فيكون الاعتقال في إنتظارك.
نعم.. لا تتعحب فهذا هو زمن العسكر، الذي يخترع كل يوم شكل جديد من أشكال الإدانة بغية إسكات وحبس أنفاس كل من يتحدث أو يتكلم أو يشاهد أو يسمع.
فمن خلال مطالعة قصص الاعتقال على مدار الفترة الماضية تجد أحدهم قام بالإبلاغ عن جاره لمشاهدته الجزيرة وأخر يوشي بجاره بسبب كاميرا وثالث بسبب بالونة ورابع بسبب أغنية وخامس بسبب حديث باللغة الانجليزية في مشهد مثير للسخرية وللانتقاد أيضاً.
وكان ألان جريش, رئيس تحرير صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية, تم اعتقاله الشهر الماضي بسبب حديث في السياسة على مقهى شهير بوسط القاهرة، تقول سارة خورشيد, الصحفية المصرية, قولها: "في نوفمبر الماضي، كنت في أحد المقاهي وسط العاصمة القاهرة، أتناقش مع جريش، وإذا بسيدة تصرخ في وجهي وتقول أنتم تدمرون مصر".
وفي واقعة أخرى، أُلقي القبض على بريطانيين من أصل مصري في إحدى محطات مترو الأنفاق بعد أن قال أحد الركاب إنها يتحدثان بالإنجليزية عن أعمال عنف محتملة في ذكرى ثورة يناير المقبلة.
كما اعتقل أحمد, 27 عاما، لمدة تسعة أيام في يناير بعد أن سمعه أحدهم يتحدث في السياسة على الهاتف مع صديق.
وسبق أن تقدم مواطن ببلاغ لجهاز الأمن الوطني اتهم فيه جاره بتشغيل قناة الجزيرة مباشر مصر حتى وقت متأخر ليلا.
وتلك هي إبداعات العسكر..في الاعتقال أن تكون:
1) مشاهد لقناة الجزيرة
2) كاره لأغنية تسلم الأيادي
3) تمتلك كاميرا تصوير
4) تقتني بالونات صفراء
5) تتحدث بالإنجليزية في المترو
يُشار إلى أن وزارة داخلية الانقلاب بالتعاون مع وسائل الإعلام المؤيدة لحكم العسكر تعمد دوما ًلبث حملات تحريضية ضد رافضي الانقلاب من خلال حث المواطنين بكافة المناطق السكنية بالإبلاغ عن من يشكون أنهم من رافضي الانقلاب، حيث خصصت "الداخلية أرقاما ًساخنة للإبلاغ عن من يشاهد مواطن يعرفه أو جاره وعمدت القنوات الفضائية لنشرها والتشجيع عليها.