يبدو أن الصراع بين السلطة ومجلس الدولة سيستمر طويلا على خلفية الأحكام التي أصدرها مجلس الدولة وسببت حرجا كبيراللسيسي وهو ما جعله يرفض تعيين المستشار يحي الدكرور رئيسا للمجلس.
قوانين عقابية للمجلس
كشف مصدر حكومي مصري لصحيفة «العربي الجديد» عن تحركات للدائرة الاستخباراتية الرقابية المحيطة بعبد الفتاح السيسي، مع عدد من نواب البرلمان، لإعداد مقترحات تشريعية جديدة تنكيلاً بمجلس الدولة، رداً على ما وصفه المصدر بـ«تجاوز محاكم المجلس للخطوط الحمراء وتعمّدها إحراج النظام الحاكم إعلامياً وأمام الرأي العام، بإصدارها أحكاماً تظهر الحكومة في صورة السلطة الجامحة البعيدة عن مراعاة القوانين والدستور».
وطبقا للمصدر فأن على رأس التعديلات المقترحة مشروع لتعديل قانون المجلس، لينصّ صراحة على إمكانية تعيين السيدات بصورة مبتدئة إلى جانب الرجال في المجلس، أسوة بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، ويجوز تعيين خريجات كليات الحقوق والشريعة والقانون في وظيفة مندوب مساعد بالمجلس «وهي أولى درجات التعيين» إلى جانب الخريجين الذكور، وهو ما تمسكت الجمعية العمومية للمجلس برفضه مرتين من قبل.
اما المقترح الثاني فيتمثل هو الإسراع بإصدار قانون حظر انتداب القضاة للعمل في وظائف استشارية بالجهاز الإداري للدولة، وهو ما سيضر أكثر من 70 في المائة من قضاة المجلس المنتدبين لهذه الوظائف، علماً بأن هذا القانون جاهز بالفعل لدى وزارة العدل، ومن المقرر إصداره وفق الدستور في عام 2019، إلاّ أن دائرة السيسي تبحث إمكانية إصداره قبل ذلك.
مجلس الدولة وصراع مع السيسي
وتاتي هذه الاقتراحات بشان هذه القوانين ردا علي أحكام مجلس الدولة اللأخيرة التي ورطت السيسي وجعلته في مواجهة شعبية مباشرة وتحديدا فيما يخص حكم إتفاقية تيران وصنافير.
وكان عام 2016 مليئًا بالعواصف والأزمات بين مجلس الدولة والسلطة التنفيذية والتشريعية بالدولة، في ظل تواطؤ الأخيرتين على إصدار سيل من القوانين والاتفاقيات والعقود دون استشارة أحد وفرضها بقوة الأمر الواقع تحت دعوى امتلاكهما للحق المطلق في رؤية المصلحة العامة، وهو الأمر الذي تمثل في المحاولات المستمرة لتهميش دور المجلس والدفع بعدم اختصاصه في نظر الاتفاقيات، وتمرير العديد من القوانين دون عرضها على قسم الفتوى والتشريع بالمجلس.
ولعل أبرز مثال لتلك الأزمات هو الحكم الصادر بمصرية تيران وصنافير، وهو الحكم الذي لم يكن فقط تأكيدًا لحكم محكمة القضاء الإداري في يونيو الماضي، بل كان انتصارًا ثالثًا للمحامي خالد علي ورفاقه في تلك القضية، فما بين هذا الحكم وحكم محكمة القضاء الإداري في يونيو الماضي 2016، قامت الدائرة السابعة المختصة بالطعون بالمحكمة الإدارية العليا في أغسطس الماضي برد الدائرة الأولى بالمحكمة والتي كان من المفترض أن تنظر في حكم الطعن لاستشعارها بانحياز هيئة تلك الدائرة لموقف الحكومة.
وهو الأمر الذي ترتب عليه تشكيل هيئة جديدة لنظر الطعن برئاسة المستشار الشاذلي، التي أصدرت حكمها برفض الطعن.
كما أصدر مجلس الدولة أيضًا العديد من الأحكام التي لم تكن على هوى السلطة مثل حكم إلغاء التحفظ على أموال أبو تريكة، وعدم قبول دعوى إسقاط الجنسية عن الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبطلان قرار رئيس جامعة الأزهر بفصل ١٦ طالبة بجامعة الأزهر في مختلف الكليات
مجلس الدولة هيئة مستقلة
ومجلس الدولة هو هيئة قضائية مستقلة نشأ في عام 1946، بتشريع من حكومة حسين صدقي على غرار مجلس الدولة الفرنسي، وتتلخص اختصاصاته في الحكم في القضايا التأديبية والمنازعات الإدارية بين الفرد والشخصية المعنوية، ويحتوي المجلس على قسمين: الأول هو قسم الفتوى التشريع ومنوط به تقديم المشورة لصانعي القوانين ومراجعة القوانين واللوائح التي تصدرها الحكومةو القسم الثاني هو القسم القضائي ويتألف هذا القسم من 5 هيئات قضائية
تصفية حسابات
وتعليقا علي هذه القوانين المقترحة قال المستشار أحمد سليمان وزير العدل الأسبق أن أي مشروعات قوانيين مطروحة حاليًا بشان مجلس الدولة بها شبهة تصفية حسابات قضاة مجلس الدولة، بسبب الأحكام التي صدرت ولها علاقة بقضية مسيسة كما هو هو الحال في قضية تيران وصنافير، وهو الحكم الذي أصدره المستشار يحيى الدكروري بشأن هذه القضية مما أثار ردرود أفعال كثيرة في حينه وتسبب في حرج بالغ للسلطة.
وأضاف «سلمان» في تصريحات خاصة لـ«رصد» قائلا: «يبدو أن هذا الحكم يأتي كسبب من أسباب الدفع بهذه المقترحات للرد على هذا الحكم وما سبقه من حرمان صاحبه من رئاسة مجلس الدولة مؤكدا علي التوتر في العلاقة بين الطرفيين وهو ما يحدث من آن لآخر بين السلطة والقضاة على مر العصوربسبب الاحكام التي لا ترضي عنها السلطة».
أما علي أيوب المحامي فيؤكد على أن مثل هذه المقترحات تاتي كتصفية حسابات مع قضاة مجلس الدولة بسبب الحكم التاريخي ببطلان اتفاقية تيران وصنافير وهو ما لم ينساه النظام واصر على معاقبة مجلس الدولة باكمله علي هذا الحكم وغيره من الأحكام الاخري التي سببت حرجا للسيسي وافقدته شعبيته واحرجتيه امام الراي العام بالداخل والخراج.
وأضاف «أيوب» في تصريحات خاصة لـ«رصد» أن مثل هذه القوانيين سوف تسبب مزيد من التوتر ليس فقط بين قضاة مجلس الدولة فقط ولكن أيضا مع باقي الهيئات القضائية لان الجميع يعلم انه سيكون عليه الدور حسب موقفه من السلطة وكذلك يضع نادي القضاة ومجلس القضاء الاعلي في حرج شديد امام اعضائه.